بين تحريم الفعل ومجرّد المؤاخذة من جهة أخرى ظاهرة هذا.
وبمثل ما ذكرنا فليتحرّر المقام ، لا بمثل ما حرّره الاستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) ؛ فانّه لا يخلو عن مسامحة ومناقشة ؛ فان الظاهر منه تسليم كون التجرّي قبيحا حسبما يفصح عنه مقالته في طيّ كلماته الآتية أيضا من جهة كشفه عن سوء سريرة العبد وكونه في مقام الطغيان مع السيّد وعصيانه.
فيرد عليه : أنّه بعد تسليم قبح التجري ولو من الحيثية المذكورة لا معنى للمنع عن اتصاف الفعل بالحرمة والمبغوضيّة من جهة اتحاده مع ما هو مبغوض ومورد للقبح ؛ فانّه لا إشكال في صدق التجري على الفعل ، فيكون هذا عين الالتزام بما إدّعاه الخصم : من صيرورة الفعل حراما من جهة اجتماعه مع العنوان المبغوض ؛ إذ لم يرد القول بانّ نفس اعتقاد الحرمة من الاسباب الموجبة لحرمة الفعل حتى يقال : بانّ هذا ممّا لا معنى له ؛ لأنّه لا يعقل أن يكون علم المكلّف بالحرمة مؤثّرا في إيجادها. كيف؟ وقد عرفت في تحرير محلّ النزاع في أوّل المسألة أنّ هذا ممّا لا يقول به أحد ولا يدّعيه جاهل فضلا عن عالم.
فقوله ( دام ظلّه ) : ( والحاصل : أنّ الكلام في كون هذا الفعل الغير المنهي عنه واقعا ) (١) إلى آخر ما ذكره في الواجب عن الدليل العقلي الذي أقاموه لحرمة التجرّي لا يخلو عن مسامحة.
كما أنّ قوله المتقدّم عليه أيضا وهو قوله : ( ومن هنا يظهر الجواب عن قبح
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٣٩.