الصبيان والمجانين فلا تكليف عليهم ، وكذا السكران إلا إذا كان عاصيا بسكره في وجه ، والله العالم.
وإن كان المسلمون أقل من ذلك لم يجب الثبات كما صرح به غير واحد ، للأصل بعد انتفاء شرط الوجوب المستفاد من الكتاب والسنة والفتاوى المقتضي لانتفاء المشروط ، نعم قد يشكل ذلك في نحو زيادة الواحد والاثنين مثلا مع الضعف والجبن في الكفار ، والشجاعة والقوة في المسلمين بإطلاق أدلة الثبات بعد انسياق اعتبار كون العدو على الضعف فأقل إلى ما هو الغالب من غير الفرض ، وكذا الكلام في صورة العكس ، ومن هنا قال الفاضل : وفي جواز فرار مائة بطل من المسلمين من مائتين وواحد من ضعفاء الكفار إشكال ، من مراعاة العدد ومن المقاومة لو ثبتوا ، والعدد مراعى مع تقارب الأوصاف ، وكذا الإشكال في عكسه ، وهو فرار مائة من ضعفاء المسلمين من مائة وتسع وتسعين من أبطال الكفار ، فإن راعينا صورة العدد لم يجز ، وإلا جاز بل في القواعد الأقرب المنع في الأول ، لأن العدد معتبر مع تقارب الأوصاف ، لكن قد يقال بخروج ذلك عن محل البحث الذي هو مجرد زيادة العدو بالعدد من غير ملاحظة حيثية أخرى ، ولذا قال المصنف : ولو غلب على الظن السلامة استحب أي الثبات وإن زاد الكفار على الضعف ، لما فيه من إظهار القوة وزيادة العزم ، خصوصا بعد ما يستفاد من قوله تعالى (١) ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ) وغيره من الترغيب فيه وفي إدراك الشهادة وعدم الاكتراث بزيادة العدد ، لأن النصر من عند الله.
وإذا غلب العطب قيل يجب الانصراف مع السلامة به ،
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ٢٥٠.