الجعل بنفس الفعل كغيره من أفراد الجعالة ، سواء كان مسلما أو كافرا لعموم الأدلة ، وليس للجيش الاعتراض وإن كانت الغنيمة لهم ، لعموم الولاية ، ولفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد استوفينا الكلام بحمد الله تعالى في أحكام الجعالة في محلها ، فلاحظ وإن قال المصنف وغيره هنا إن كانت الجعالة من ماله دينا اشترط كونها معلومة الوصف والقدر ، وإن كانت عينا فلا بد أن تكون مشاهدة أو موصوفة بما يرتفع به الغرر المنهي عنه وإن كانت من مال الغنيمة جاز أن تكون مجهولة كجارية وثوب للحاجة ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) قد جعل للسرية من الجيش الثلث أو الربع من الغنيمة المجهولة ، بل في المنتهى لا نعلم فيه خلافا ، ولكن قد ذكرنا في كتاب الجعالة ما يعلم منه تحقيق الحال في ذلك وغيره ، فلاحظ وتأمل.
ثم العمل المجعول له إن كان مما لا يتوقف تحققه على الفتح كالدلالة على الطريق ونحوه استحق المجعول له الجعل بنفس ذلك وإن لم يحصل الفتح ، وإن كان مما يتوقف على الفتح كما لو قال من دلنا على ما نفتح به القلعة فله كذا توقف على الفتح ، ولعل منه ما لو قال : من دلنا على طريق القلعة فله الجارية المعينة أو مطلقا منها ، لأن جعالة شيء منها يقتضي اعتبار فتحها حكما وإن لم يذكر لفظا.
تفريع لو كانت الجعالة عينا كجارية ونحوها وفتح البلد على أمان فكانت في الجملة التي تعلق بها الأمان لم يبطل الأمان لإمكان مضيه ، خلافا لأبي إسحاق من الشافعية فأبطله ، لاستحقاق المجعول له العين المفروض تعلق الأمان بها ، وفيه أن مجرد ذلك لا يقتضي البطلان ف إنه إن اتفق المجعول له وأربابها على بذلها ولو بدفع
__________________
(١) كنز العمال ج ٢ ص ٣٠٩ الرقم ٦٤٢٣.