يسقط معه وجوب الهجرة هو عدم المعارضة والأذية من العمل على ما يقتضيه دينه في واجب أو ندب ، فلو تمكن من بعض دون بعض وجبت خصوصا إذا كان المتروك مثل الصوم والصلاة والحج ونحوها مما هو من أعظم الشعائر ، بل الظاهر إرادة التجاهر بما يقتضيه الإسلام ، فلا يكفي في عدم وجوبها الإتيان بها متخفيا ، كما أنه لا يكفي الإتيان بها على مقتضى مذهبهم تقية ، فإن التقية الدينية غير مشروعة في مذهبنا من غير أهل الخلاف من المسلمين ، والله العالم.
ومن لواحق هذا الركن المرابطة وهي الإرصاد والإقامة لحفظ الثغر من هجوم المشركين الذي هو الحد المشترك بين دار الشرك ودار الإسلام كما في التنقيح ، أو كل موضع يخاف منه كما في جامع المقاصد أو هما معا كما في المسالك ، قال : الثغر هنا الموضع الذي يكون بأطراف بلاد الإسلام بحيث يخاف هجوم المشركين منه على بلاد الإسلام ، وكل موضع يخاف منه يقال له ثغر لغة.
وعلى كل حال ف هي مستحبة لما تسمعه من النصوص (١) كما صرح به الفاضلان والشهيدان وغيرهم ، بل لا أجد فيه خلافا بينهم للأصل السالم عن معارضة ما يقتضي الوجوب كتابا وسنة ، ضرورة خلو الأول عما يزيد على مدح الذين جاهدوا ورابطوا ، وقصور ما وصل إلينا من الثانية عن إثبات الحكم بالوجوب ، لكن في التنقيح وجوبها على المسلمين كفاية من غير شرط ظهور الإمام عليهالسلام ، ولعله يريد حال الضرر بعدمها على الإسلام ، لا أن المراد وجوبها من حيث كونها كذلك مطلقا ، نعم هي راجحة ولو كان تسلط الإمام عليهالسلام مفقودا أو كان غائبا لأنها لا تتضمن قتالا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٦ و ٧ من أبواب جهاد العدو.