حال عدم الاحتياج ، ومن المعلوم سقوط الواجب كفاية بذلك ، وحينئذ فيرتفع الخلاف ، ولعله لذا قال في غاية المراد بعد ذكر الخلاف وأدلة الطرفين : ولقائل أن يقول : الخلاف مرتفع لأن الجهاد فرض كفاية إجماعا من المسلمين إلا من شذ ، والتكليف به مشروط بعدم ظن الاكتفاء به ، فإن حصل الشرط وجب قطعا بالنفس والمال بطريق أولى وإن انتفى سقط قطعا ، وإن احتيج إلى غزو أحد وهناك مؤسر ومعسر وجب على المؤسر أحد الأمرين إما الخروج بنفسه أو تجهيز المعسر ، وكذا لو كان أكثر وفرض كثرة المؤسرين والمعسرين ، وقد نبه في المختلف على شيء من ذلك ، ولعله أشار إلى ما ذكره فيه ، فإنه بعد أن ذكر ترجيح القول بعدم الوجوب قال : نعم لو احتيج إلى الاستنابة بأن يعجز القائمون وجبت ، ولكن عن الكركي في جامعه أنه قال : « وعبارة المختلف تدل على الوجوب إذا كان محتاجا إليه ، وعدمه مع عدم الحاجة ، وهو مشكل ، فإن الوجوب كفائي والدليل فيه جار أيضا » قلت قد يقال إن لم يكن إجماع إن القائل بالسقوط عن المعذور لا يوجب الاستئجار عليه ولو مع الحاجة ، كما لا يجب عليه نفسه ، والقائل بالوجوب يريد الوجوب كفاية على معنى أنه إن فعل كان ممن قام بالواجب وإن لم يحتج إليه ، وإلا لم يكن كذلك وإن لم يكن مأثوما مع فرض قيام الغير به ، نعم لو لم يقم به الجميع أثم الجميع ، وكأنه لذا قال في المسالك : الأقوى وجوب الاستئجار مع الحاجة إليه أو أمر الإمام له بذلك ، وإلا فلا ، لأصالة البراءة ، فيكون الاستئجار واجبا كفائيا كما يجب النهوض على القادر ، ولعل هذا هو الأصح.
هذا كله في العاجز عن الجهاد بنفسه ولو كان قادرا عليه فجهز غيره سقط عنه ما لم يتعين بتوقف الأمر عليه ، أو