( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ، وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ، وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ) قال في الكنز : « هذه الآية ناسخة لكل آية فيها أمر بالمرادعة أو الكف عن القتال ، كقوله (١) ( وَدَعْ أَذاهُمْ ) وقوله (٢) ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) وأمثاله ، لأن حيث للمكان أي في أي مكان أدركتموهم من حل أو حرم ، وكان القتال في الحرم محرما ثم نسخ بهذه الآية وأمثالها ، فصدرها ناسخ لعجزها » إلى آخره ، هذا ، وقال بعض الأفاضل : « وهل يلحق بمحل البحث أي الحرمة في الأشهر المقاتلة لدفع الكفار الذين دهموا المسلمين في زمن الغيبة لتسخيرهم وأخذ بلادهم؟ فيه إشكال ، ولكن احتمال الإلحاق في غاية القوة ، مع أنه أحوط في الجملة » وكأنه أشار بذلك إلى ما وقع من الأرس في بلد العجم ، وفيه أولا أن محل البحث في غزوهم لا في دفاعهم ، وثانيا أنهم ممن لا يرون حرمة لهذه الأشهر ، فاحتمال الإلحاق حينئذ في غاية الضعف ، بل هو واضح الفساد ، والله العالم.
وتجب المهاجرة عن بلد الشرك على من يضعف عن إظهار شعار الإسلام من الأذان والصلاة والصوم وغيرها ، سمي ذلك شعارا لأنه علامة عليه ، أو من الشعار الذي هو الثوب الملاصق للبدن ، فاستعير للأحكام اللاحقة للدين ، بلا خلاف أجده فيه بين من تعرض له كالفاضل والشهيدين وغيرهم ، والأصل فيه بعد معلومية إيجاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها قوله تعالى (٣) ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا : كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ، قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ، فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ
__________________
(١) سورة الأحزاب ـ الآية ٤٧.
(٢) سورة الجحد ـ الآية ٦.
(٣) سورة النساء ـ الآية ٩٩ ـ و ١٠٠.