الاذعان بالتوحيد والنبوة والمعاد وهي اصول الدين ، ويلزم ذلك استعمال الخضوع له سبحانه في ربوبيتة ، واستعمال ما في وسع الانسان من مال وجاه وعلم وفضيلة لاحياء هذا الامر ونشره ، وهذان هما الصلاة والانفاق.
ومن هنا يعلم : ان الذي اخذه سبحانه من اوصافهم هو الذي يقضي به الفطرة إذا سلمت وانه سبحانه وعدهم انه سيفيض عليهم امرا سماه هداية ، فهذه الاعمال الزاكية منهم متوسطة بين هدايتين كما عرفت ، هداية سابقة وهداية لاحقة ، وبين الهدايتين يقع صدق الاعتقاد وصلاح العمل ، ومن الدليل على أن هذه الهداية الثانية من الله سبحانه فرع الاولى ، آيات كثيرة كقوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ) ابراهيم ـ ٢٧. وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ) الحديد ـ ٢٨. وقوله تعالى : ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ٧. وقوله تعالى : ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) الصف ـ ٧. وقوله تعالى : ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) الصف ـ ٥. إلى غير ذلك من الآيات.
والامر في ضلال الكفار والمنافقين كما في المتقين على ما سيأتي انشاء الله.
وفي الآيات اشارة إلى حيوة اخرى للانسان كامنة مستبطنة تحت هذه الحيوة الدنيوية ، وهي الحيوة التي بها يعيش الانسان في هذه الدار وبعد الموت وحين البعث ، قال تعالى : ( أو من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) الانعام ـ ١٢٣ وسيأتي الكلام فيه انشاء الله.
وقوله سبحانه : يؤمنون الايمان ، تمكن الاعتقاد في القلب ماخوذ من الامن كأن المؤمن يعطي لما امن به الامن من الريب والشك وهو آفة الاعتقاد ، والايمان كما مر معنى ذو مراتب ، إذ الاذعان ربما يتعلق بالشئ نفسه فيترتب عليه اثره فقط ، وربما يشتد بعض الاشتداد فيتعلق ببعض لوازمه ، وربما يتعلق بجميع لوازمه فيستنتج منه ان للمؤمنين طبقات على حسب طبقات الايمان.
وقوله سبحانه : بالغيب ، الغيب خلاف الشهادة وينطبق على ما لا يقع عليه الحس ، وهو الله سبحانه وآياته الكبرى الغائبة عن حواسنا ، ومنها الوحي هو