كما تقدم ، ومع الآيات التى في مفتتح السورة ، فانها نزلت في السنة الاولى من الهجرة فللايات سياقات متعددة كثيرة ، لا سياق واحد.
* * *
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ـ ١٥٩. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ـ ١٦٠. إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ ١٦١. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ـ ١٦٢.
( بيان )
قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ، الظاهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بالهدى ما تضمنه الدين الالهي من المعارف والاحكام الذي يهدي تابعيه إلى السعادة ، وبالبينات الآيات والحجج التي هي بينات وأدلة وشواهد على الحق الذي هو الهدى ، فالبينات في كلامه تعالى وصف خاص بالآيات النازلة ، وعلى هذا يكون المراد بالكتمان ـ وهو الاخفاء ـ أعم من كتمان أصل الآية ، وعدم إظهاره للناس ، أو كتمان دلالته بألتاويل أو صرف الدلالة بالتوجيه ، كما كانت اليهود تصنع ببشارات النبوة ذلك فما يجهله الناس لا يظهرونه لهم ، وما يعلم به الناس يؤولونه بصرفه عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قوله تعالى : من بعد ما بيناه للناس ، أفاد أن كتمانهم إنما هو بعد البيان والتبين للناس ، لا لهم فقط ، وذلك أن التبين لكل شخص شخص من أشخاص الناس أمر