ذكرا ) البقرة ـ ٢٠٠ ، فالشدة إنما يتصف به المعنى دون اللفظ ، وقال تعالى ( واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا ) الكهف ـ ٢٤ ، وذيل هذه الآية تدل على الامر برجاء ما هو أعلى منزلة مما هو فيه ، فيؤل المعنى إلى أنك إذا تنزلت من مرتبة من ذكره إلى مرتبة هي دونها ، وهو النسيان ، فاذكر ربك وارج بذلك ما هو أقرب طريقا وأعلى منزلة ، فينتج أن الذكر القلبي ذو مراتب في نفسه ، وبذلك يتبين صحة قول القائل : أن الذكر حضور المعنى عند النفس ، فان الحضور ذو مراتب.
ولو كان لقوله تعالى ، فاذكروني ـ وهو فعل متعلق بياء المتكلم حقيقة من دون تجوز أفاد ذلك ، أن للانسان سنخا آخر من العلم غير هذا العلم المعهود عندنا الذي هو حصول صورة المعلوم ومفهومه عند العالم ، إذ كلما فرض من هذا القبيل فهو تحديد وتوصيف للمعلوم من العالم ، وقد تقدست ساحته سبحانه عن توصيف الواصفين ، قال تعالى ( سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين ) الصافات ـ ١٦٠ ، وقال : ( ولا يحيطون به علما ) طه ـ ١١٠ ، وسيجئ بعض ما يتعلق بالمقام في الكلام على الآيتين إنشاء الله.
( بحث روائي )
تكاثرت الاخبار في فضل الذكر من طرق العامة والخاصة ، فقد روي : بطرق مختلفة أن ذكر الله حسن على كل حال.
وفي عدة الداعي قال : وروي : أن رسول الله قد خرج على أصحابه ، فقال : ارتعوا في رياض الجنة ، قالوا : يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال : مجالس الذكر اغدوا وروحوا واذكروا ، ومن كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده ، فإن الله تعالى ينزل العبد حيث أنزل العبد الله من نفسه ، واعلموا : أن خير أعمالكم عند مليككم وأزكاها وأرفعها في درجاتكم ، وخير ما طلعت عليه الشمس ذكر الله تعالى ، فانه تعالى أخبر عن نفسه فقال : أنا جليس من ذكرني ، وقال تعالى : ( فاذكروني أذكركم بنعمتي ) ، اذكروني بالطاعة والعبادة أذكركم بالنعم والاحسان والراحة والرضوان.