ليس بأكثر من خطأ العلم عند العقلاء ولذا يعتمدون عليها في مقام اعتمادهم على العلم ، والشارع قررهم على ذلك واكتفى بها في إثبات أحكامه.
ولا يمكن أن يتفاوت الحال في الأمارة من حيث قلة الخطأ والإصابة بين الموضوعات الخارجية والأحكام الشرعية ، فان خبر الثقة لو كان قليل الخطأ في إخباره عن الموضوعات الخارجية فهو قليل الخطأ أيضا في إخباره عن الأحكام الشرعية.
ومن ذلك يظهر : أن لا وجه لتكثير الأقسام من كون الأمارة غالب المصادفة ودائم المصادفة أو أغلب مصادفة من الأسباب المفيدة للعلم ، فإنه لا فائدة في تكثير الأقسام ، مع أنه كلها من التخرص بالغيب.
فالمدار على كون الأمارة من حيث الإتقان والاستحكام كالعلم ، كما هو الشأن في ما بيد العقلاء من الطرق والأمارات ، ولا سبيل إلى دعوى كون الأمارة أكثر خطأ من العلم.
فان قلت : هب انه لا سبيل إلى دعوى العلم بكون الأمارة أكثر خطأ من العلم إلا أنه ليست الأمارة (١) أقرب إلى الخطأ من العلم لكونها في مظنة الوقوع في خلاف الواقع ، وهذا المقدار يكفي في صحة ردع الشارع عن العمل بها ، بل يقبح إمضائها ، فان في الإمضاء مظنة التفويت.
قلت : أولا : نمنع الأقربية.
وثانيا : مجرد الأقربية لا تقتضي الردع ، بل لزوم الردع يتوقف على أن تكون الأمارات أكثر خطأ من العلم في الواقع حتى يلزم من الإمضاء تفويت المصالح ، فالأقربية بنفسها ما لم تقتض كثرة الخطأ لا توجب الردع.
وثالثا : سلمنا أن مجرد الأقربية تقتضي الردع ، إلا أنه إذا لم تكن
________________________
١ ـ كذا في نسخة الأصل. والصحيح : « إلا أنها أقرب إلى الخطاء من العلم » ( المصحح ).