في مطلق الأخبار لم يبق الأخبار « من بلغ » مورد ، بخلاف ما لو قدمت أخبار « من بلغ » على تلك الأدلة ، فان الواجبات والمحرمات تبقي مشمولة لها ، بل يظهر من الشيخ قدسسره ـ في الرسالة التي صنفها في مسألة التسامح في أدلة السنن ـ اختصاص ما دل على اعتبار الشرائط بالواجبات والمحرمات ، فان ما دل على اعتبار ذلك إما الإجماع وإما آية النبأ.
أما الإجماع : فمفقود في الخبر القائم على الاستحباب ، بل يمكن دعوى الإجماع على عدم اعتبار الشرائط في المستحبات.
وأما آية النبأ : فلا إشكال في اختصاصها بالواجبات والمحرمات ، كما يشهد بذلك ما في ذيلها من التعليل ، وعلى هذا تبقي أخبار « من بلغ » بلا معارض ، هذا.
ولكن الإنصاف : أن ما أفاده الشيخ قدسسره لا يخلو عن ضعف ، فان ما دل على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد لا ينحصر بالإجماع وآية النبأ ، بل العمدة في اعتبار الشرائط هو ما تقدم من الأخبار المتظافرة أو المتواترة ، وهي تعم المستحبات.
وعلى كل حال : لا ينبغي التأمل في ترجيح أخبار « من بلغ » على ما دل على اعتبار الشرايط ، إما للحكومة ، وإما لبقائها بلا مورد لو قدمت تلك الأدلة عليها ، مضافا إلى عمل المشهور بها ، وقد عرفت : أن هذا الوجه يقتضي أن يكون مفاد الأخبار مسألة أصولية.
الوجه الثاني : (١) أن تكون أخبار « من بلغ » مسوقه لبيان أن البلوغ يحدث مصلحة في العمل بها يكون مستحبا ، فيكون البلوغ كسائر العناوين الطارية على الأفعال الموجبة لحسنها وقبحها والمقتضية لتغيير أحكامها ، كالضرر
________________________
١ ـ كذا في النسخة. والأنسب « ثانيهما » ( المصحح ).