العمل بداعي كونه مطلوباً واقعاً.
قلت : تقييد العمل بالالتماس ليس لبيان وجه العمل وأنه يعتبر في إعطاء الثواب أن يكون العمل بداعي الاحتمال والتماس الثواب (١) بل التقييد بذلك إنما هو لأجل أن عبادة أغلب الناس إنما تكون لرجاء الثواب والأمن من العقوبة ، فقوله عليهالسلام « ففعله التماس ذلك الثواب » إنما ورد مورد الغالب ولا عبرة بالقيد الوارد مورد الغالب.
نعم : ربما يستظهر من قوله عليهالسلام في بعض الأخبار « فعمل ذلك طلب قول النبي صلىاللهعليهوآله » كون العمل برجاء قول النبي صلىاللهعليهوآله فتأمل.
وعلى كل حال : فهذا أحد الاحتمالات التي تتحملها روايات الباب.
ثانيها : أن تكون الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء ويكون مفاد قوله عليهالسلام « فعمله » أو « ففعله » الأمر بالفعل والعمل (٢) كما هو الشأن في غالب الجمل الخبرية الواردة في بيان الأحكام ، سواء كانت بصيغة الماضي كقوله عليهالسلام « من سرح لحيته فله كذا » أو بصيغة المضارع كقوله : « تسجد سجدتي السهو » وغير ذلك من الجمل الخبرية التي وردت في مقام الحث والبعث نحو الفعل ، فيكون المعنى : إذا بلغ الشخص شيء من الثواب على عمل فليعمله ، وعلى هذا يصح التمسك باطلاق البلوغ والقول باستحباب
________________________
١ ـ أقول : ذلك كذلك لو لم نقل بأن البلوغ كناية عن احتمال الثواب أو احتمال مقتضيه ، كما هو ظاهر قوله : « طلب قول النبي » وحينئذ يكون قوله : « التماس ذلك الثواب » أو « طلب قوله » مؤكدا لاحتمال المزبور الذي هو لازم البلوغ جزما ، لا أنه بيان للازم خارجي عن البلوغ ، كما لا يخفى.
٢ ـ أقول : حمل الجملة الخبرية على الإنشاء في كلية الموارد في غاية البعد ، بل عمدة وجه استفادة الطلب من أمثال هذه الجمل جعلها من باب الإخبار بوجود شيء بملاحظة وجود مقتضيه في عالم التشريع ، فيصير الإخبار المزبور كناية عن الطلب الذي هو ملزومه ، لا إنه بنفسه عبارة عن إنشائه ، كما لا يخفى.