« كن لا شارب الخمر » فحكمها يغاير حكم السالبة المحصلة ، فان متعلق التكليف في مثله قوله : « كن لا شارب الخمر » هو كون المكلف واجدا لوصف « اللاشاربية » ومعنونا بكونه تارك شرب الخمر ، من دون نظر إلى ترك الأفراد الخارجية من الخمر ، وإنما يكون تركها مقدمة عقلية لاتصاف المكلف بوصف « اللاشاربية » بحيث لو فرض محالا اتصافه بهذا الوصف مع عدم ترك شرب الأفراد الخارجية من الخمر لم يكن عاصيا ومخالفا للتكليف ، وبالعكس لو فرض محالا ترك شرب الأفراد الخارجية ولم يتصف بذلك الوصف كان عاصيا ومخالفا للتكليف ، وهذا الفرض وإن كان محالا وبحسب النتيجة لا فرق بين قوله : « كن لا شارب الخمر » وبين قوله : « لا تشرب الخمر » فإنه على كل حال يجب ترك الأفراد الخارجية ، إما لكون تركها مقدمة عقلية لحصول الوصف ، وإما لكونه متعلق النهى.
ولكن بحسب الأصول العملية تختلف النتيجة ، فإنه لو كان متعلق النهى ترك شرب الأفراد الخارجية وكانت القضية على نحو السلب المحصل ، فعند الشك في خمرية مايع تجرى البراءة ، للشك في تعلق النهى به ـ بالبيان المتقدم ـ وإن كانت القضية على نحو الموجبة المعدولة المحمول ، فالمرجع عند الشك في خمرية مايع قاعدة الاشتغال لا البراءة ، للشك في حصول الوصف مع عدم ترك المشكوك ، فيرجع الشك إلى الشك في الامتثال ، هذا.
________________________
والعجب من المقرر! حيث إنه تارة تخيل بأن ربط سلب الطبيعة يوجب مغايرة هذا السلب لسلب الأفراد خارجا وأن سلب الأفراد مقدمة لهذا السلب والوصف المربوط في القضية ، وأخرى جعل عدم الأفراد من مقدمات الإتصاف بالسلب ، وهو وإن كان له وجه حيث إن العدم إذا قام به الربط والاتصاف كان له نحو تقدم على الربط المزبور ، ولكن لا يجدى له شيئا ، إذ الإتصاف والارتباط بأمر مردد بين الأقل والأكثر لا يوجب الاشتغال في مثله ، من جهة أن الإتصاف بالمردد موجب للترديد في مرتبة نفس الإتصاف ، لأن المعنى الحرفي في القلة والكثرة والتعيين والترديد كالكلية والجزئية تبع للمتعلق ، ولذا لم يتوهم أحد في تقييد شيء بشيء مردد بين الأقل والأكثر جريان قاعدة الاشتغال فيه ، والنكتة هو الذي أشرنا إليه ، فتدبر فيما أفيد ، خصوصا في برهانه الآخر على التغاير الذي هو عين المصادرة.