القرص أو لابد من ذهاب الحمرة المشرقية؟ والإمام عليهالسلام في مقام رفع هذه الشبهة وبيان أن الحمرة المشرقية لابد من زوالها في جواز الإفطار وصحة الصلاة ـ كما هو المشهور عند الخاصة ـ فبين الحكم الشرعي بلسان الأمر بالاحتياط ، وقال عليهالسلام « تأخذ بالحائطة لدينك ».
ولعلّ السر في الأمر بالاحتياط ـ مع أنه كان ينبغي إزالة الشبهة ورفع جهل السائل بالزامه بالانتظار إلى أن تذهب الحمرة المشرقية ـ هو التقية والتباس الأمر على العامة القائلين بتحقق المغرب باستتار القرص ، فأمر عليهالسلام بالاحتياط لكي يتخيل لهم أن الأمر بالانتظار إنما كان لأجل الاحتياط وحصول اليقين باستتار القرص ، لا لأجل أن المغرب لا يتحقق إلا بذهاب الحمرة المشرقية ، فالإمام عليهالسلام قد أفاد وجوب الانتظار على خلاف فتوى العامة ببيان لا ينافي التقية ، كما أن قوله عليهالسلام « أرى لك أن تنتظر » الذي يستشم منه رائحة الاستحباب ـ إنما كان للتقية والتباس الأمر على العامة لكي يزعموا أن الحكم بالتأخير إلى ذهاب الحمرة عند الخاصة إنما هو للاستحباب. وعلى كل حال : فالاحتياط بمعنى التأخير إلى ذهاب الحمرة مفروض السؤال واجب لا دخل له بما نحن فيه.
وأما عن بقية الأخبار المطلقة ( التي لم ترد في مورد خاص ) كقوله عليهالسلام : « أخوك دينك فاحتط لدينك » فإنها وردت في مقام الإرشاد ، فالأمر فيها تابع للمرشد إليه ، ولا يمكن أن يكون الأمر بالاحتياط فيها أمرا مولويا ، وإلا يلزم تخصيص الأكثر ، لعدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعية مطلقا ، وفي الشبهات الحكمية الوجوبية بالاتفاق.
وأمّا عن الطائفة الثالثة : فبأن الأمر فيها لا يصلح إلا للإرشاد ، فان الظاهر من قوله عليهالسلام « ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات » هو الملازمة بين التعرض للشبهات والوقوع في المحرمات ، فالأخذ بالشبهات بنفسه ليس من المحرمات ، بل يستلزم ذلك الوقوع فيها ؛ فيكون النهى عن الأخذ