عقيب الجنابة والنجاسة مطلقا ، من غير فرق بين الجنابة والنجاسة الاختيارية وغيرها (١) فتأمل ، فان المقام يحتاج إلى بسط من الكلام لا يسعه المجال ، والبحث عن ذلك وقع استطرادا.
والمقصود الأصلي بالبحث هو البحث عن مفاد قوله صلىاللهعليهوآله « رفع ما لا يعلمون » فإنه هو المدرك في البراءة الشرعية ، وقد عرفت : أن الرفع في « ما لا يعلمون » يغاير الرفع في البقية ، فان الرفع في البقية رفع واقعي ينتج نتيجة التخصيص الواقعي ـ بالبيان المتقدم ـ والرفع في « ما لا يعلمون » رفع ظاهري ينتج عدم وجوب الاحتياط في موارد الشك والشبهات على ما تقدم بيانه بما لا مزيد عليه ـ والغرض من إعادة الكلام فيه هو بيان ما يندرج في قوله صلىاللهعليهوآله « رفع ما لا يعلمون » من الشبهات.
فنقول : المشكوك فيه تارة : يكون هو التكليف النفسي الاستقلالي ، كالشك في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال وكالشك في حرمة تصوير الصور المجردة من ذوات الأرواح. وأخرى : يكون هو التكليف الغير الاستقلالي ـ كالشك في جزئية شيء للمأمور به أو شرطيته أو مانعيته. وثالثة : يكون في
__________________
١ ـ أقول : ما أدرى جواب التوهم السابق أين صار؟ فان كان قوله « فان الغسل والتطهير أمران وجوديان » إلى قوله « فتأمل » جوابا فهو غلط ، فان الأمر في كل مورد يشمله « الحديث » باطلاق دليله شامل لصورة الاختيار والاضطرار ، وبالاضطرار أو الإكراه يرتفع ، فالأولى حينئذ : الالتزام بالإشكال ، ويلتزم بأنه في مورد الاضطرار على الجنابة ينتقل التكليف من الغسل إلى التيمم ، كما أن في مورد الاضطرار على ارتكاب النجس يرتفع وجوب الغسل أو حرمة شرب النجس ، بلا محذور فيه ولا احتياج إلى حوالة المقام ببسط الكلام فيه في مقام آخر.
ثم إن من العجب أن المقرر لم ما ثبت في الجواب عن توهمه بما أسسه من الأساس؟ بتوضيح أن وجوب الغسل في النجاسة وكذا وجوب الغسل في الجنابة من آثار الطهارة الخبثية والحدثية وإسناده إليها بالعرض والمجاز ، لأنهما من مقدمات الطهارة الملازم لرفع الجنابة والنجاسة ، وحينئذ فحديث الرفع لا يشملهما من حديث عنوان الإكراه على الجنابة والنجاسة ، وحينئذ لا يبقى في البين إلا عنوان ترك الطهارة حدثية أو خبثية ، و « حديث الرفع » باعترافه لا يشمل التروك.