المجهولة ، وما أريد من « الموصول » هو المرفوع ، فلابد وأن يرد الرفع على الحكم الواقعي (١) وإن كانت نتيجة رفعه عدم ايجاب الاحتياط ، لأنه لا يمكن رفعه حقيقة عن موطنه وهو عالم التشريع ، وإلا يلزم اختصاص الأحكام الواقعية بالعالمين بها ، وهو ينافي ما عليه أصول المخطئة.
وورود الرفع على الأحكام الواقعية على وجه ينتج عدم ايجاب الاحتياط لا يمكن إلا بأن يراد دفع الأحكام الواقعية عن تأثير مقتضياتها في ايجاب الاحتياط ، وتكون النتيجة الترخيص الظاهري في ارتكاب الشبهة والاقتحام فيها.
وتوضيح ذلك : هو أن أدلة الأحكام لما كانت قاصرة لأن تتكفل بيان وجود الأحكام في زمان الشك فيها ـ كما أن نفس الجعل والتشريع الأول للأحكام لا يمكن أن يتكفل لحال الشك فيها ـ فلابد من جعل ثانوي يكون هو المتكفل لبيان صورة الشك في الحكم من ثبوته وعدم ثبوته ، فيكون هذا الجعل الثانوي متمما للجعل الأولى ليس له ملاك يخصه ، نظير ما دل على اعتبار قصد التقرب في العبادات ، حيث إن الأمر الأولى لا يمكن أن يتكفل ببيان اعتبار ذلك ، بل لابد من جعل ثانوي يتكفل ببيان ذلك ويكون من متممات الجعل الأولى ، وقد تقدم في بعض المباحث السابقة : أنه في كثير من الموارد نحتاج إلى متمم الجعل بجعل ثانوي.
والحكم الذي يتكفله الجعل الثانوي يختلف ، فقد يكون حكما واقعيا بإضافة قيد في المأمور به الواقعي ، مثل ما دل على اعتبار قصد التقرب ، ومثل ما
________________________
١ ـ أقول : الأولى أن يقال : لو كان المراد من « الرفع » الرفع الحقيقي كيف يعقل وروده عن الحكم الواقعي في ظرف الجهل به؟ إذ العدم في ظرف الجهل بشيء يستحيل وروده على الشيء الملحوظ في الرتبة السابقة عن الجهل بنفسه ، فلا محيص من كون المراد به رفعه بالعناية ، ومرجعه إلى رفع أثره حقيقة ، فالرفع الحقيقي متوجه إلى إيجاب الاحتياط بدوا ، بلا توجيهه إلى « ما لا يعلمون » ولو بنينا على التصويب واختصاص الحكم بالعالمين ، فتدبر تعرف.