وأمّا حديث كون مفاد أدلة نفي العسر والحرج والضرر نفي الحكم بلسان نفي الموضوع (١) فهو بمعزل عن الصواب.
لما فيه أولا : أن نفي الحكم بلسان نفي الموضوع إنما يكون فيما إذا كان مدخول النفي موضوعا ذا حكم ، إما في الشرايع السابقة ، وإما في زمان الجاهلية ، وإما في هذه الشريعة ، ليرد النفي على الموضوع بلحاظ نفي حكمه ، كما في مثل قوله صلىاللهعليهوآله « لا رهبانية في الاسلام » (٢) و « لا ضرورة في الاسلام » (٣) وقوله تعالى « فلا رفث ولا فسوق في الحج » (٤) وقوله عليهالسلام « لا شك لكثير الشك » (٥) و « لا سهو للإمام مع حفظ المأموم » (٦) وغير ذلك من القضايا يكون مفادها نفي الحكم بلسان نفي الموضوع. وفي مثل نفي الضرر والعسر والحرج لا يمكن ذلك ، فان الحكم المترتب على الضرر مع قطع النظر عن ورود النفي عليه ليس هو إلا الحرمة ، فيكون مفاد
________________________
١ ـ أقول : إن ما أفيد أولا في إثبات الحكومة وشرحه في باب « لا ضرر والحرج » في غاية المتانة ، ونحن أيضا أوردنا عليه ، وأما ما أفيد أخيرا من إبطال كونه من باب نفي الموضوع : فهو مبنى على كون المراد من الموضوع نفس عنوان « الحرج » و « الضرر » وأما لو كان العنوانان حاكيان عن العناوين الضررية والحرجية ـ كما هو مقصوده ـ فلا يرد عليه ما أفيد.
نعم : لك أن تمنع هذه الجهة ، لا أنه على فرضه تورد عليه بما أفيد.
وما أفيد في وجه المنع : من كون النفي واردا على الدين وهو عبارة عن الأحكام ، غير تام ، إذ المراد من الدين مطلق الخطابات الواردة حكما وموضوعا ، فيصح أن يقال حينئذ : ما جعل الله في خطاباته موضوعا حرجيا ، وتخصيص الدين بخصوص الأحكام لا وجه له ، كما لا يخفى.
نعم : ما أفيد بأنه على فرض كونه من باب نفي الحكم بنفي الموضوع لا ينافي الحكومة في غاية المتانة ، ونحن أيضا مستشكلين عليه ، فتدبر.
٢ ـ لم نجد حديثا بهذه العبارة في كتب الأخبار وما أورده في الوسائل « ليس في أمتي رهبانية » راجع الوسائل أبواب آداب السفر إلى الحج الباب ١ الحديث ٤ ( المصحح ).
٣ ـ سنن أبي داود كتاب المناسك الباب ٣
٤ ـ سورة البقرة الآية : ١٩٧
٥ و ٦ _ ولا يخفى أن هذين التعبيرين أيضا ليسا عين ما نقل عن المعصوم عليهالسلام راجع الوسائل أبواب الخلل الباب ١٦ و ٢٤ ( المصحح ).