العقاب ، ودفع العقاب المحتمل كالمظنون مما يلزم به العقل » ضعيف غايته ، فإنه كيف يحتمل العقاب مع عدم اعتبار الظن وعدم كونه منجزا للتكليف ، بل ينبغي القطع بعدم العقاب لاستقلال العقل بقبحه.
وإن أريد من « الضرر » غير العقاب من المصالح والمفاسد الكامنة في متعلقات التكاليف ـ بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد الراجعة إلى العباد لاستغنائه ( تعالى ) عن ذلك ـ فالظن بالتكليف يلازم الظن بالمصلحة والمفسدة ، لأن المصالح والمفاسد من الأمورات الواقعية التكوينية ولا تأثير للعلم والجهل بها ، ولا يمكن أن يدور وجودها الواقعي مدار العلم بالتكليف ، فالظن به يلازم لا محالة الظن بها ، إلا أن الشأن في كون فوت المصالح أو الوقوع في المفاسد من المضار الدنيوية ليندرج الظن بها في صغرى حكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون.
والإنصاف : أنه ليس كذلك ، فان التكليف المظنون ، إما أن يكون من العبادات التي تتوقف على قصد الامتثال ، وإما أن يكون من التوصليات.
فان كان من العبادات : فالمصلحة فيها تدور مدار قصد الامتثال ، وهو يدور مدار العلم بالتكليف أو ما يقوم مقامه (١) ليتمكن المكلف من قصد الامتثال ، فالظن بالحكم مع عدم قيام الدليل على اعتباره لا يصحح قصد الامتثال ، بل لا يتمكن المكلف من ذلك إلا على نحو التشريع المحرم ، فحال المصلحة في العبادات حال العقاب في عدم الملازمة بين الظن بالحكم وبين الظن بها ، فالظن بالأحكام العبادية لا يندرج في صغرى حكم العقل بلزوم
________________________
١ ـ أقول : ذلك يصح على فرض احتياج العبادة إلى القربة الجزمية ، ومعه ينسد باب الاحتياط في العبادات ، خصوصا في الشبهات البدوية ، ولا أظن التزامه ممن كان خالي الذهن من الشبهات ، كيف وهو ديدن الصلحاء والعباد في الاحتياط في قضاء صلاتهم وغيرها.
ولئن سلمنا ما أفيد ، لنا أيضا أن نقول : إنه في فرض تمكنه من تحصيل العلم لو ترك ذات العبادة فقد احتمل فوت المصلحة الملزمة ، ومع تسليم كون فوات المصلحة من الضرر يحتمل إقدامه على الضرر.