الضرر (١) هو أن للعقل في باب الضرر الدنيوي حكم واحد بمناط واحد يعم صورة القطع والظن بل الاحتمال العقلائي ، نظير حكمه بقبح التشريع ، لا أنه للعقل حكمان : حكم على الضرر الواقعي ، وحكم آخر طريقي على ما لا يؤمن منه من الوقوع في الضرر ، نظير حكمه بقبح الظلم.
وعلى كل حال : سواء قلنا : بأن حكم العقل في موارد احتمال الضرر طريقي أو موضوعي ، فحيث كان هذا الحكم العقلي واقعا في سلسلة علل الأحكام فيستتبع الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة على طبق ما حكم به العقل ، فان كان الحكم العقلي طريقيا فالحكم الشرعي المستكشف منه أيضا يكون طريقيا ، نظير ايجاب الاحتياط في باب الدماء والفروج ، وإن كان موضوعيا فالحكم الشرعي أيضا يكون كذلك ، ولا يمكن أن يختلف الحكم الشرعي عن الحكم العقلي في الموضوعية والطريقية ، بل يتبعه في ذلك لا محالة.
وهذا الحكم العقلي الطريقي أو الموضوعي المستتبع للحكم الشرعي على طبقه يكون حاكما على أدلة الأصول الشرعية : من البراءة والاستصحاب (٢) كما يكون واردا على البراءة العقلية ، فإنه يخرج المورد عن كونه « ما لا يعلمون » وعن « نقض اليقين بالشك » وعن كون « العقاب عليه بلا بيان » بل يكون « ما يعلمون » ومن « نقض اليقين باليقين » ومن « كون العقاب عليه عقابا مع البيان الواصل » ويأتي لذلك مزيد توضيح ( إن شاء الله تعالى ).
* * *
________________________
١ ـ أقول : لولا حمل كلامهم على كونه في فرض المخالفة بحكم المعصية بمناط التجري وأنه موجب لإتمام الصلاة أيضا ، ولقد أشرنا إلى هذه الجهة سابقا أيضا ، فراجع. هذا ، مع إمكان أن يقال : إن لازم طريقية الاحتمال لزوم ترتيب آثار المطابقة عليه ، ومن آثاره إتمام الصلاة حين وجود الاحتمال ، وليس فتواهم بوجوب التمام أزيد من وجوبه حين قيام الطريق بلا نظر منهم إلى فرض انكشاف خلافه ، فتدبر.
٢ ـ أقول : لا نفهم وجه الحكومة ، خصوصا الاستصحاب ، لولا دعوى عكسه فيه ، فتدبر.