إلى نفس الأحكام الواقعية لاستنتاج حجية الظن بالحكم ، ولا أثر للظن بالصدور.
وثانياً : فعلى فرض تسليم كون الإجمال غير مانع عن ترتب آثار الأحكام الظاهرية على ما صدر من الأخبار ، ولكن مجرد ذلك لا يكفي في انحلال العلم الإجمالي بالتكاليف فيما بأيدينا من الأخبار وسائر الأمارات الظنية ، فان تلك الأحكام الظاهرية التي فرض كونها بقدر المعلوم بالإجمال من الأحكام الواقعية لم تحرز بالوجدان ، ولم يجب الاحتياط في جميع ما بأيدينا من الأخبار وثبت الترخيص في غير مظنون الصدور ـ كما هو المفروض ـ فلا يمكن مع هذا أن ينحل العلم الإجمالي بالتكاليف ، لأن انحلال العلم الإجمالي إنما يكون بانحلال القضية المانعة الخلو ـ التي كل علم إجمالي يتضمنها ـ إلى قضيتين حمليتين ، إحديهما متيقنة والأخرى مشكوكة ، وقضية العلم الإجمالي بالتكاليف لا تنحل إلى ذلك ، لأن وجوب الأخذ بمظنون الصدور من الأحكام الظاهرية لا يوجب انحلال العلم بالنسبة إلى بقية الأخبار وساير الأمارات بحيث يكون الشك فيها بدويا ، بل العلم الإجمالي بثبوت التكاليف بينها على حاله ، لأن الأحكام الظاهرية في مظنون الصدور ليست بقدر الأحكام الواقعية في مجموع الإخبار والأمارات (١) بل أقصى ما يدعى هو أن مجموع ما صدر عنهم ( صلوات الله عليهم ) من الأحكام الظاهرية بقدر التكاليف الواقعية ، فالترخيص في ما عدا مظنون الصدور يوجب نقصا في الأحكام الظاهرية ، ويلزمه زيادة الأحكام الواقعية عن الأحكام الظاهرية التي يلزم الأخذ بها.
فان قلت : الموجب للإنحلال هو العلم بصدور الأخبار بمقدار المعلوم
________________________
١ ـ أقول : ذلك صحيح في الظن الفعلي بالصدور ، وإلا لو أريد به الوثوق النوعي فعهدة ذلك على مدعيه ، كيف وبناء الفقه فعلا على ما هو موثوق الصدور من الأخبار ، ولو لم تكن وافية بمقدار المعلوم بالإجمال ، قلنا : « إنا لله وإنا إليه راجعون ».