إليهم لعلّهم يحذرون » (١) وتقريب الاستدلال بها على وجه يندفع ما أورد على الاستدلال بها يتركب من أمور :
الأمر الأوّل : كلمة « لعل » مهما تستعمل تدل على أن ما يتلوها يكون من العلل الغائية لما قبلها (١) سواء في ذلك التكوينيات والتشريعيات وسواء كان ما يتلوها من الأفعال الاختيارية التي يمكن تعلق الإرادة بها أو من الموضوعات الخارجية التي لا يصح أن يتعلق بها الإرادة ، فإنه على جميع التقادير كلمة « لعل » تقتضي أن يكون ما يتلوها علة غائية لما قبلها ، فإذا كان ما يتلوها من الأفعال الاختيارية التي تصلح لان يتعلق بها الإرادة الفاعلية والآمرية كان لا محالة بحكم ما قبلها ، فان كان ما قبلها واجبا يكون ما يتلوها أيضا واجبا ، وإن كان مستحبا فكذلك ، فان جعل الفعل الاختياري غاية للواجب أو للمستحب يلازم وجوب ذلك الفعل أو استحبابه ، وإلا لم يكن من العلل الغائية.
وبالجملة : لا إشكال في استفادة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب علته الغائية إذا صح أن يتعلق الطلب بها من حيث كونها فعلا اختياريا قابل لتعلق الإرادة به ، وفي الآية الشريفة جعل التحذر علة غائية للإنذار ، ولما كان الإنذار واجبا كان التحذر أيضا واجبا.
وسيأتي أن المراد من « التحذر » هو التحذر من حيث العمل بقول المنذر لا مجرد الخوف ، فهو من الأفعال الاختيارية التي يصح أن يتعلق
________________________
١ ـ التوبة الآية ١٢٢.
٢ ـ أقول : الذي يمكن أن يدعى أن مورد استعمال هذه الكلمة أوسع من مورد الغاية ، كيف وفي قوله « علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه » ليس كونه غاية لعدم الإهانة؟ بل هذه الكلمة في أمثال المقام مستعملة في مجرد إبداء الاحتمال بلا مطلوبية في مدخوله ، كما في قولنا « لا تدخله في بيتك لعله عدوك » ومن هنا أيضا ظهر ما في توهم إشراب جهة مطلوبية في مضمون تاليه كما لا يخفى ، فتدبر.