بخبر العدل الذي لا يفيد العلم ولا يعم ما يفيد العلم ، فان المفهوم يتبع المنطوق في العموم والخصوص ، ولا إشكال في أن المنطوق يختص بخبر الفاسق الذي لا يفيد العلم ، كما يظهر من التعليل ، فالمفهوم أيضا يختص بذلك وتكون النسبة بينه وبين عموم الآيات العموم والخصوص ، والصناعة تقتضي تخصيص عمومها بما عدا خبر العدل.
وما ربّما يقال : من أن الآيات الناهية أيضا مختصة بصورة التمكن من العلم وبما عدا البينة وبعد تخصيصها بذلك تنقلب النسبة بينها وبين المفهوم إلى العموم من وجه بعد ما كانت النسبة العموم والخصوص المطلق ، لأن المفهوم وإن كان يختص بما لا يفيد العلم ولكن يعم صورة التمكن من تحصيل العلم وعدمه ، والآيات الناهية وإن كانت أعم من خبر العدل وغيره ، إلا أنها تختص بصورة التمكن من العلم ، فيقع التعارض بينهما في خبر العدل مع التمكن من العلم ، وبعد التعارض يرجع إلى أصالة عدم الحجية.
فضعيف غايته ، فان انقلاب النسبة مبنى على ملاحظة العام أولا مع بعض المخصصات وتخصيصه به ثم ملاحظة النسبة بينه وبين المخصصات الاخر ، فربما تنقلب النسبة بينه وبينها إلى نسبة أخرى (١) ولكن هذا مما لا وجه له ، فان نسبة العام إلى جميع المخصصات على حد سواء ولابد من تخصيصه بالجميع في عرض واحد ، إلا إذا كان التخصيص بالجميع يوجب الاستيعاب أو التخصيص المستهجن ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك بما لا مزيد عليه ( في مبحث التعادل والتراجيح ) ففي المقام خبر العدل ومورد عدم التمكن من العلم والبينة والفتوى كلها في عرض واحد خارجة عن عموم الآيات الناهية عن العمل بالظن بالتخصيص ، وذلك أيضاً واضح.
________________________
١ ـ أقول : قد حققنا في محله أن انقلاب النسبة مطلقا من أوهن التوهمات ، وتعرضنا لكلامه في مبحث « التعادل والترجيح » فراجع وتبصر فيه.