كثرة ، وهذا هو الجواب بعينه عن التكرار لقولـه تعالى « ويل يومئذ للمكذبين » في سورة المرسلات (١).
* * *
خلق الأنسان من صلصال كالفخار (١٤) وخلق الجان من مارج من نار (١٥) فبأي آلاء ربكما تكذبان (١٦).
( خلق الانسان من صلصال ) يعني من طين يابس له صلصلة ، وهو الصوت منه نقر.
( كالفخار ) يعني الطين المطبوخ بالنار ، وهو الخزف.
فان قيل : قد اختلف العبارات في صفة خلق الانسان الذي هو آدم ، فقال تبارك وتعالى « من تراب » وقال « من حمأ مسنون » وقال « من طين لازب » وقال « من ماء مهين » وقال هنا « من صلصال كالفخار ».
قلنا : ليس في هذه العبارات اختلاف ، بل المعنى متفق ، وذلك أن الله تعالى خلقه أولا من تراب ، ثم جعله طينا لازبا لااختلط بالماء ، ثم حمأ مسنوناً وهو الطين الأسود المنتن ، فلما يبس صار صلصالا كالفخار.
( وخلق الجان ) وهو ابو الجن ، وقيل هو ابليس.
( من مارج من نار ) يعني الصافي من لهب النار الذي لادخان فيه ، وقيل هو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار اذا اقدت.
__________________
١) وقال الشيخ الطوسي في سر تكرير الاية : انما كررت هذه الاية ، لانه تقرير بالنعمة عند ذكرها على التفصيل نعمة ، كأنه قيل بأى هذه الالاء تكذبان ، ثم ذكرت آلاء أخر فاقتضت الاولى ، ليتأمل كل واحدة فى نفسها وفي ما تقتضيه صنفها من حقيقتها التي تنفصل بها عن غيرها. التبيان ٩ / ٤٦٨.