آلالاء عقيبها لأن في خوفها ودفعها نعما توازي النعم المذكورة ، أو لأنها حلت مالا عدا وذلك يعد من اكبر النعماء ، وبعد هذا السبع ثمان في وصف الجنات وأهلها على عدد ابوات الجنة ، وثمان أخرى بعدها للجنتين اللتين دونها ، فمن اعتقد الثماني الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله تعالى ووقاه الله السبع السابقة.
يقول الفقير : من لطائف أسرار هذا المقام أن لفظ « ال » في اول اسم الرحمن المعنون به هذه السورة الجليلة دل على تلك الاحدى والثلاثين.
وقال في مجمع البيان (١) : فأما الوجه لتكرار هذه الاية في هذه السورة فانما هو التقرير بالنعم المعدودة والتأكيد في التذكير بها كلها ، فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها قرر عليها ووبخ على التكذيب بها ، كما يقول الرجل لغيره : أما أحسنت اليك حين اطلقت لك مالاً ، اما أحسنت اليك حين مللتك عقاراً ، اما أحسنت اليك حين بنيت لك داراً ، فيحسن فيه التكرار لا ختلاف ما يقرره به. ومثله كثير في كلام العرب وأشعارهم ، قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :
على أن ليس عدلا من كليب |
|
اذا طرد اليتيم عن الجزور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
اذا ما ضيم جيران المجير |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
اذا رجف العضاه من الدبور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
اذا خرجت مخبأة الخدور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
اذا ما أعلنت نجوى الصدور |
وقالت ليلى الأخيلية ترثي توبة بن الحمير :
لنعم الفتى يا توب كنت ولم تكن |
|
لتسبق يوماً كنت فيه تحاول |
__________________
١) مجمع البيان ٩ / ١٩٩.