باعجازه واشتماله
على خلاصتها مصدق لنفسه ولها.
قيل : لما نزلت قوله تعالى « اسجدوا للرحمن
» قال
كفار مكة « ما الرحمن
» فأنكروه
وقالوا لا نعرف الرحمن ، فأنزل الله الرحمن معنى الذي أنكرتموه هو الذي علم القرآن.
وقيل : هذا جواب لأهل مكة حيث قالوا « انما يعلمه بشر
» ، فقال
تعالى « الرحمن علم القرآن » يعني علم محمداً القرآن.
وقيل : علم القرآن يسره للذكر ليحفظ
ويتلى ، وذلك أن الله عزوجل عدد نعمه على عباده فقدم أعظمها نعمة وأعلاها رتبة ، وهو
القرآن العزيز لأنه أعظم وحي الله الى أنبيائه وأشرفه منزلة عند أوليائه وأصفيائه
، وأيسره ذكراً وأحسنه في ابواب الدين أثراً ، وهو سنام الكتب السماوية المنزلة
على أفضل البرية.
وقيل : عدد الله عز وعلا أسماءه فأراد
ان يقدم اول شئ ما هو أسبق قدماً من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهي نعمة الدين ، فقدم
من نعمة الدين ما هو في أعلا مراتبها وأقصى مراقيها ، وهو انعامه بالقرآن وتنزيله
وتعليمه ، لانه أعظم وحي الله رتبة و ... وأخر ذكر خلق الانسان عن ذكره ثم اتبعه
اياه ليعلم أنه خلقه للدين ليحيط علماً وما خلق الانسان من أجله وكان الغرض في
انشائه كان مقدماً عليه وسابقاً له ثم ذكر ما تميز من سائر الحيوان من البيان ، وهو
المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير.
وقال بعضهم « علم القرآن
» أي
أعطى الاستعداد الكامل في الأزل لجميع
__________________