تخفيفه عليهم طاعاته وبعباده الكافرين في الرفق في دعائهم الى الموافقة ومن ثمة قال الصادق عليهالسلام : الرحمن اسم خاص لصفة عامة والرحيم اسم عام لصفة خاصة وقال عيسى بن مريم عليهماالسلام : الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الاخرة ، يعنى في الأمور الاخروية ـ رواهما فى المجمع (١).
أقول : كثرة المباني تدل على كثرة المعاني ، فالرحمن يشمل جميع أفراد الانسان بل الحيوان والدواب بل جميع المخلوقات ، فيشمل المؤمن والكافر والملحد والمعاند والعاصى والفاجر ، يبسط عليهم الرزق وأعطاهم ما به قوامهم في دنياهم ، فالكفار والملحدون سيفيدون من هذه الصفة العامة. وأما الرحيم بناءعلى ما يظهرمن بعض الأخبار المعتبرة فهو يختص بالاخرة ، ولما كانت النعم الأخروية والمراتب المعنوية والحياة السعيدة الباقية والسعادة الأبدية مشروطة بالايمان ولهذا تختص بالمؤمن ولاتشمل الكافر ، ولذا قال لأهل الجنة : « سلام قولا من رب رحيم » (٢). ولذا قيل يا رحمن الدنيا ورحيم الاخرة ، وقيل الرحيم اسم عام بصفة خاصة لأن الاستفادة من هذه العناية الربانية مشروطة بصفة خاصة ـ وهي الايمان بالله تعالى وكتبه ورسله ولذا قيل رحيم بالمؤمنين خاصة وقال تعالى : « وكان بالمؤمنين رحيماً » (٣) « بالمؤمنين رؤف رحيم » (٤).
* * *
( الرحمن * علم القرآن ) قيل : لما كانت هذه السورة مشتملة على تعداد النعم الدنيوية والأخروية صدرها بالرحمن ، وقدم أجل النعم وأشرفها وهو تعليم القرآن ، فانه أساس الدين ومنشأ الشرع وأعظم الوحي وأثمر الكتب ، وهو
__________________
١) الصافى / ٢٠ طبع الحجرى.
٢) سورة يس : ٥٨.
٣) سورة الاحزاب : ٤٣.
٤) سورة التوبة : ١٢٨.