الخالدة من الوجهة العلمية ، فانه يتضح من متواترات التاريخ أم المنقذ الأعظم لم يدخل مدرسة قط ولا تعلم عند أحد ، بل ما قرأ كتابا ولا خط بيمينه خطابا [ كما قال الله تعالى ] : «وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذاً لارتاب المبطلون » (١).
وما كانت أمته أهل علم وعرفان ، ولو فرضنا أنه صلىاللهعليهوآله مارس جميع التعاليم وتخرج من الكليات ونال أعلى الشهادات فلم يكن ممكنا أن يأتي بمثل هذه الايات الباهرات والمعجزات الخالدات « ان هو الا وحي يوحى » (٢).
وبعبارة أخرى : لو فرض أنه صلىاللهعليهوآله صرف عمره الشريف في التعلم عند أشهر الأساتذة الماهرين واخذ العلم من أعلم العلماء العاملين ، لما كان يمكن الا أن يأتي بمعلومات أهل زمانه والمقرر عند أهل دهره واوانه. ولما رأينا أن القرآن العظيم نطق بما لم يصل العلماء الى تحقيقه الا بعد مضي قرون واجيال والعصور الطوال واختراع آلات دقيقة وتلسكوبات عظيمة كبيرة [ كما في علم الفلك وسنشير الى هذا في ضمن سير الايات الباهرات ] علمنا أنه منزل من رب العالمين على قلب حبيبه سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله ليكون نذيراً للعالمين ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين.
حتى أن عدو الاسلام والمسلمين بل عدو كافة الأديان والمتدينين ناشر فرضية دارون في البلاد العربية والشرق الأدنى الدكتور شبلي شميل (٣) يقول في مدح
__________________
١) سورة العنكبوت : ٤٨.
٢) سورة النجم : ٤.
٣) شميل ( شبلى ) ( ١٨٦٠ ـ ١٩١٧ ). طبيب لبنانى من كفرشيما. له « الاهواء والمياه والبلدان لابى الطب ابقراط الحكيم » ورسالة « الحقيقة » لاثبات مذهب دارون. أول من عرف هذا المذهب الى العالم العربى.