يحرم أكله ، وإذا كان هذا مذكوراً في الآية كان السؤال ساقطاً. والثاني : إنّه تعالى قال في آية أخرى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) وذلك يقتضي تحريم كلّ الخبائث ، والنجاسات خبائث ، فوجب القول بتحريمها. والثالث : إنّ الامة مجمعة على حرمة تناول النجاسات ، فهب أنا التزمنا تخصيص هذه السورة بدلالة النقل المتواتر من دين محمد صلّى الله عليه وسلّم في باب النجاسات ، فوجب أن يبقى ما سواها على وفق الأصل ، تمسّكاً بعموم كتاب الله تعالى في الآية المكية والآية المدنية ، فهذا أصل مقرر كامل في باب ما يحل وما يحرم من المطعومات.
وأما الخمر فالجواب عنه : أنها نجسة فتكون من الرجس ، فتدخل تحت قوله : ( رِجْسٌ ) وتحت قوله : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) وأيضاً : ثبت تخصيصه بالنقل المتواتر من دين محمد صلّى الله عليه وسلّم في تحريمه. وبقوله تعالى : ( فَاجْتَنِبُوهُ ) وبقوله : ( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) والعام المخصوص حجة في غير محلّ التخصيص ، فتبقى هذه الآية فيما عداها حجة.
وأمّا قوله : يلزم تحليل المنخنقة الموقوذة والمتردية والنطيحة.
فالجواب عنه من وجوه : أوّلها : أنها ميتات ، فكانت داخلة تحت هذه الآية. وثانيها : أنّا نخصّص عموم هذه الآية بتلك الآية. وثالثها : أن نقول : إنها إنْ كانت ميتةً دخلت تحت هذه الآية ، وإنْ لم تكن ميتةً فنخصّصها بتلك الآية » (١).
أقول :
فكما أنّ أشياء كثيرة غير داخلة في المستثنى منه في الآية الكريمة وأنّ الآية ـ مع ذلك ـ باقية على عمومها فيما عدا تلك الأشياء ، كذلك الحديث
__________________
(١) تفسير الرازي ١٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣٢.