أمّا لو جعلناه من باب الطريقيّة ، كما هو ظاهر أدلّة حجيّة الأخبار بل غيرها من الأمارات ، بمعنى أنّ الشارع لاحظ الواقع وأمر بالتوصّل إليه من هذا الطريق ، لغلبة إيصاله إلى الواقع. فالمتعارضان لا يصيران من قبيل الواجبين المتزاحمين ، للعلم بعدم إرادة الشارع سلوك الطريقين معا ، لأنّ أحدهما مخالف للواقع قطعا.
____________________________________
فيلغى أحدهما مع وجود وصف السببيّة فيه لإعمال الآخر ، كما في كلّ واجبين متزاحمين ، كإنقاذ الغريقين مع عجز المكلّف عن إنقاذهما معا ، فإنّ إنقاذ هذا الغريق يوجب ترك إنقاذ الآخر مع بقائه على وصف الوجوب شأنا.
أمّا لو جعلناه ، أي : حجيّة الأمارات والأخبار مثلا من باب الطريقيّة ، بأن يكون الملحوظ في اعتبار الأمارات الوصول إلى مصلحة الواقع.
كما هو ، أي : الاعتبار من باب الطريقيّة ظاهر أدلّة حجيّة الأخبار ، وذلك فإنّ ذكر العدالة والوثوق يفيد أنّ المنظور هو الوصول إلى الواقع وإدراك مصلحته ، وهذا صريح الأخبار العلاجيّة ، لأنّ لحاظ المرجّحات ليس إلّا لتحصيل ما هو أقرب إلى الواقع.
والمتحصّل من جميع ما ذكر أنّ اعتبار الخبر إمّا أن يكون من باب السببيّة ، وإمّا أن يكون من باب الطريقيّة.
ومعنى الأوّل كون قيام الخبر على وجوب فعل واقعا سببا في نظر الشارع لوجوبه على المكلّف بحسب الظاهر ، من غير أن يكون الملحوظ في نظر الشارع من إيجاب العمل به غلبة إيصاله إلى الواقع وكشفه عنه وإن كان كاشفا عنه.
ومعنى الثاني أن يكون الملحوظ في نظر الشارع من إيجاب العمل بالخبر هو كشفه عن الواقع ظنّا وغلبة إيصاله إلى الواقع ، كما أشار إليه بقوله :
بمعنى أنّ الشارع لاحظ الواقع وأمر بالتوصّل إليه من هذا الطريق ، لغلبة إيصاله إلى الواقع. فالمتعارضان لا يصيران من قبيل الواجبين المتزاحمين ، للعلم بعدم إرادة الشارع سلوك الطريقين معا ، لأنّ أحدهما مخالف للواقع قطعا.
تلخّص إلى هنا على ما في شرح الاعتمادي أنّه بناء على السببيّة يكون المقتضي للشمول موجودا والمانع عنه مفقودا ، بمعنى أنّ أدلّة الحجيّة تشملهما ، إذا لا نعني بالمتعارضين إلّا ما كان كذلك ، ولا يكون التعارض مانعا عن شمولها لهما ؛ لأنّ ملاك