ويشهد لما ذكرنا أنّ العقلاء البانين على الاستصحاب في امور معاشهم ـ بل معادهم ـ لا يلتفتون في تلك المقامات إلى هذا الاستصحاب أبدا ، ولو نبّههم أحد لم يعتنوا ، فيعزلون حصّة الغائب من الميراث ويصحّحون معاملة وكلائه ، ويؤدّون عنه فطرته إذا كان عيالهم ، إلى غير ذلك من موارد ترتيب الآثار الحادثة على المستصحب.
ثمّ إنّه يظهر الخلاف في المسألة من جماعة ، منهم الشيخ ، والمحقّق ، والعلّامة في بعض أقواله ، وجماعة من متأخّري المتأخّرين ، فقد ذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم وجوب
____________________________________
يوجب الظنّ وذلك كطهارة الماء ، حيث لا يكون الشكّ فيها تابعا لشك آخر يوجب الظنّ بالبقاء.
هذا بخلاف الشكّ في بقاء نجاسة الثوب ، حيث يكون تابعا لشكّ آخر يوجب الظنّ بالبقاء ، أعني : الشكّ في طهارة الماء.
فافهم فإنّه لا يخلو عن دقّة.
إذ لا يفرق في عدم حصول الظنّ بعدم اللازم بعد حصوله بالملزوم بين الظنّ الشخصي والنوعي ، ومع ذلك توقّف المحقّق والعلّامة وغيرهما ممّن قال باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ في تقديم الاستصحاب السببي على المسبّبي ، ولعلّ ذلك لتوهّم حصول الظنّ النوعي بعدم اللازم على تقدير اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ النوعي. وكيف كان فالأمر يحتاج إلى الدقّة والتأمّل.
ويشهد لما ذكرنا من اختصاص الاستصحاب المعتبر بمناط الظنّ بما كان الشكّ فيه غير تابع لشكّ آخر أنّ العقلاء البانين على الاستصحاب من باب الظنّ في امور معاشهم ـ بل معادهم ـ لا يلتفتون في تلك المقامات أي : موارد الشكّ السببي والمسبّبي إلى هذا الاستصحاب أي : الاستصحاب المسبّبي أبدا ، ولو نبّههم أحد لم يعتنوا ، فيعزلون حصّة الغائب من الميراث ويصحّحون معاملة وكلائه ، ويؤدّون عنه فطرته إذا كان عيالهم ، إلى غير ذلك من موارد ترتيب الآثار الحادثة أي : كما يرتّبون الآثار السابقة كوجوب نفقة الزوجة كذلك يرتّبون الآثار الحادثة ، كما في الأمثلة المتقدّمة ، فلا يحكمون بأصالة عدم الإرث وعدم صحّة المعاملات وعدم وجوب الفطرة.
ثمّ إنّه يظهر الخلاف في المسألة من جماعة أي : يظهر منهم عدم تقديم الأصل السببي