الثالث : إنّ مقتضى القاعدة تقييد إطلاق ما اقتصر فيها على بعض المرجّحات بالمقبولة ، إلّا أنّه قد يستبعد ذلك لورود تلك المطلقات في مقام الحاجة.
____________________________________
بأنّ الترجيح بالمزيّة الوجدانيّة التي في المقبولة ليس من جهة اعتبار الشارع إيّاها حتى يقال بأنّ الكلام فيه ، بل بضميمة أنّ الأصل وجوب الترجيح بكلّ مزيّة بعد ملاحظة أنّ الشارع أوجب الأخذ بأحد الخبرين في الجملة في قبال طرحهما معا ، وقد عرفت ذلك فيما سبق. انتهى.
الثالث ، أي : الموضع الثالث في علاج تعارض المقبولة المتعرّضة لمرجّحات كثيرة ، مع ما دلّ على التخيير ابتداء ، أو تعرّض لبعض المرجّحات ، كما في شرح الاستاذ إلى قوله ، فنقول :
مقتضى القاعدة تقييد إطلاق ما اقتصر فيها على بعض المرجّحات بالمقبولة.
وحاصل الكلام في المقام كما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ أخبار العلاج يختلف بعضها مع بعضها الآخر في الإطلاق والتقييد ، والأوسعيّة والأضيقيّة وغيرها ، وذلك أنّ بعضها كالمقبولة يكون أوسع وأشمل ، حيث تعرّض للأعدليّة والأفقهيّة ، والأصدقيّة ، والأورعيّة ، والشهرة ، وموافقة الكتاب والسنّة ، ومخالفة العامّة ، ومخالفة ميل الحكّام.
وبعضها ـ كالرواية الخامسة ، والسادسة ، والسابعة ، والثامنة ـ اقتصر على ذكر مخالفة العامّة ، وبعضها ـ كالرواية التاسعة ، والعاشرة ، وما بعدهما ـ اكتفى بذكر الأحدثيّة وبعضها أطلق التخيير.
وبديهيّ أنّ مقتضى القاعدة تقييد ما أطلق فيه التخيير بما ذكر فيه المرجّح ، وتقييد ما ذكر فيه بعض المرجّحات بما هو أوسع وأشمل كالمقبولة ، كما أنّه لا بدّ من تقييد المقبولة ـ أيضا ـ بما دلّ على الترجيح بالأحدثيّة.
إلّا أنّه قد يستبعد ذلك التقييد لورود تلك المطلقات في مقام الحاجة.
وملخّص الإشكال على ما في شرح الاستاذ هو أنّ أخبار العلاج كلّها وردت في مقام الحاجة ، ويقبح من الحكيم في مقام البيان إهمال القيد المعتبر ، فإطلاق التخيير في بعض الأخبار والاقتصار ببعض المرجّحات في بعضها مع ورود الكلّ في مقام البيان دليل على أنّ الترجيح أولوي لا وجوبي ، فالتقييد المذكور يكون بعيدا.