____________________________________
وبعبارة اخرى أنّه إذا وقع التعارض بين أزيد من دليلين فهل يقدّم بعضها على البعض الآخر تخصيصا أو تقييدا فيوجب انقلاب النسبة بينها بعد التخصيص أو التقييد في بعضها أم لا يقدّم؟ ، بل كلّ واحد منها يلاحظ مع غيره من دون تخصيص أو تقييد أولا ، ثمّ ملاحظة النسبة بينه وبين غيره بعد ملاحظته مخصّصا أو مقيّدا.
وبالجملة ، إنّ الاختلاف في لحاظ النسبة بين المتعارضات يجب أن يكون طوليّا أو عرضيّا ، ناشئ من أنّ النسبة بين الأدلّة هل هي بما لها من الظهور أو بما لها من الحجّيّة ، فعلى الأوّل يكون لحاظ النسبة عرضيّا فلا تنقلب عمّا هي عليه ؛ لأن المخصّص المنفصل كما هو المفروض لا يزاحم الظهور وإنّما يزاحم الحجّيّة ، فظهور العامّ في العموم باق حتى بعد تخصيصه بالخاصّ الأوّل ، وعلى الثاني يكون طوليّا فتنقلب النسبة عمّا هي عليه. وكيف كان ، فلا بأس بذكر جملة من صور التعارض بين أكثر من دليلين ، لكي يميّز بين ما تنقلب النسبة وبين ما لا تنقلب :
الصورة الاولى : ما إذا ورد عامّ وخاصّان متباينان ، مثل قوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم الكوفيين من العلماء» ، وقوله : «لا تكرم البصريّين من العلماء» ، فالنسبة بين الخاصّين هي التباين ، ولا شكّ في وجوب تخصيص العامّ بكلّ واحد منهما ما لم يصل إلى التخصيص المستهجن ، كتخصيص المستوعب لجميع أفراد العامّ أو أصنافه ، أو أكثرها.
الصورة الثانية : هي ما إذا ورد عامّ وخاصّان مع كون النسبة بين الخاصّين هي العموم المطلق ، كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الكوفيين من النحويين».
وحكم هذا القسم حكم السابق من وجوب تخصيص بكلّ منهما ما لم يلزم التخصيص المستهجن ؛ لأن نسبة كلّ واحد من الخاصّين إلى العامّ نسبة القرينة إلى ذي القرينة ، فيخصّص العامّ بهما جميعا.
نعم ، قد يتوهّم في هذا القسم أنّ العامّ يخصّص بأخصّ الخاصّين ، وبعد ذلك تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العامّ وبين الخاصّ الآخر ، فقد تنقلب النسبة إلى العموم من وجه بعد ما كانت قبل تخصيص العامّ بأخصّهما العموم المطلق ، كالمثال المتقدّم ، فإنّه بعد