والحاصل : أنّه إذا أمر الشارع بشيء واحد استقلّ العقل بوجوب إطاعته في ذلك الأمر ، بشرط عدم المانع العقلي والشرعي. وإذا أمر بشيئين واتفق امتناع إيجادهما في الخارج ، استقلّ العقل بوجوب إطاعته في أحدهما لا بعينه ، لأنّها ممكنة ، فيقبح تركها ، لكن هذا كلّه على تقدير أن يكون العمل بالخبر من باب السببيّة.
____________________________________
خبران لم يتمكّن المكلّف من إنقاذهما أو العمل بهما.
وليس التخيير في القسم الأوّل ، أي : وجوب كلّ منهما بأمرين لاستعمال الأمر في التخيير.
إذ لا يعقل إرادة التخيير بين صلاة العصر والكسوف من قوله : صلّ العصر ، ولا من صلّ للكسوف ، وإنّما التخيير نتيجة وجوب الامتثال بكلّ منهما مقيّدا بالإمكان.
وكذلك في القسم الثاني ، حيث لم يستعمل قوله : أنقذ الغريق أو اعمل بخبر العادل بمعنى التخيير ، وإنّما هو نتيجة وجوب الامتثال به مقيّدا بالقدرة.
فالتخيير في المقام ليس من جهة استعمال اللفظ فيه ، كي يتوجّه عليه محذور استعمال اللفظ في المعنيين ، ولا من جهة إنشاء العقل إيّاه حتى يكون عقليّا ، كما في دوران الأمر بين المحذورين ، بل التخيير في المقام يشبه التعيين في الواجب التخييري إذا تعذّر بعض أفراده.
فكما أنّ نتيجة الوجوب التخييري عند تعذّر أحد الفردين هو الوجوب التعييني فيما تيسّر من دون إنشاء الوجوب التعييني ، كذلك نتيجة الوجوب التعييني المتعلّق بطبيعة أو طبيعتين عند تزاحم فردين منها أو منهما هو الوجوب التخييري ، من دون إنشاء الوجوب التخييري لا من الشارع ولا من العقل.
والحاصل : أنّه إذا أمر الشارع بشيء واحد كالصلاة مثلا استقلّ العقل بوجوب إطاعته في ذلك الأمر ، بشرط عدم المانع العقلي والشرعي. وإذا أمر بشيئين ، كصلاة العصر والكسوف ، وكالعمل بهذا الخبر وذلك الخبر واتفق امتناع إيجادهما في الخارج ، وذلك لضيق الوقت في المثال الأوّل وتعارض الخبرين في المثال الثاني استقلّ العقل بوجوب إطاعته في أحدهما لا بعينه ، لأنّها ممكنة ، فيقبح تركها. هذا تمام الكلام على فرض حجيّة الأمارات من باب السببيّة ، كما أشار إليه بقوله :