الإتيان بجميع ما يعتبر فيها عدا قصد القربة ، فأوامر الاحتياط تتعلّق بهذا الفعل ، وحينئذ فيقصد المكلّف فيه التقرّب بإطاعة هذا الأمر.
ومن هنا يتّجه الفتوى باستحباب هذا الفعل ، وإن لم يعلم المقلّد كون هذا الفعل ممّا شكّ في كونها عبادة ، ولم يأت به بداعي احتمال المطلوبيّة.
ولو اريد بالاحتياط في هذه الأوامر معناه الحقيقي ، وهو إتيان الفعل لداعي احتمال المطلوبيّة لم يجز للمجتهد أن يفتي باستحبابه إلّا مع التقييد بإتيانه بداعي الاحتمال حتى يصدق عليه عنوان الاحتياط مع استقرار سيرة أهل الفتوى على خلافه ، فيعلم أنّ المقصود
____________________________________
فلا يتوقّف تحقّق الاحتياط والاتّقاء على الأمر حتى يلزم الدور.
فإنّ معنى الاحتياط ـ حينئذ ـ هو إتيان محتمل العبادة بجميع ما يعتبر فيه عدا نيّة القربة ، ثمّ يقصد المكلّف في مقام الإتيان بمحتمل العبادة إطاعة هذا الأمر المتعلّق بالاحتياط ، كما يقصد في مقام امتثال الأمر بالعبادة الواقعيّة إطاعة الأمر المتعلّق بها ، ثمّ إنّ لزوم قصد امتثال الأمر في الموردين ، إمّا بأمر ثان أو بحكم العقل ، وعلى التقديرين لا يلزم الدور.
وبالجملة ، إنّ الموضوع في أوامر الاحتياط هو الاحتياط المتحقّق بمجرد إتيان محتمل العبادة ، فلا يتوقّف تحقّقه على الأمر حتى يلزم الدور. فتأمّل جيدا.
(ومن هنا يتّجه الفتوى باستحباب هذا الفعل ، وإن لم يعلم المقلّد كون هذا الفعل ممّا شكّ في كونها عبادة ، ولم يأت به بداعي احتمال المطلوبيّة).
يبيّن المصنّف قدسسره الفرق بين الاحتياط بمعنى : إتيان محتمل العبادة من دون قصد امتثال الأمر المحتمل ، وبين ما إذا كان الاحتياط بمعنى : إتيان محتمل العبادة بداعي المطلوبيّة وامتثال الأمر ، فيقول : (ومن هنا).
أي : من أنّ الاحتياط يتحقّق بإتيان محتمل العبادة شرعا من دون قصد امتثال الأمر تتّجه الفتوى باستحباب هذا الفعل المحتمل كونه عبادة وإن لم يعلم المقلّد كون هذا الفعل ممّا شكّ في كونه عبادة ، فلم يأت به بداعي احتمال الأمر والمطلوبيّة ، وذلك لعدم توقّف الاحتياط ـ حينئذ ـ على الإتيان بداعي احتمال المطلوبيّة.