القسم الثاني
دوران الواجب بين الأقل والأكثر
فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقلّ والأكثر ، ومرجعه إلى الشكّ في جزئيّة شيء للمأمور به وعدمها ، وهو على قسمين ؛ لأنّ الجزء المشكوك إمّا جزء خارجي ، أو جزء ذهني
____________________________________
(القسم الثاني : فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقلّ والأكثر).
اعلم أنّ الأقلّ والأكثر على قسمين :
أحدهما : ما يكون استقلاليّا ، والآخر : ما يكون ارتباطيّا ، وقبل الدخول في تفاصيلهما لا بدّ من تحرير محلّ النزاع فيهما ، وتحرير محلّ النزاع هنا يتوقف على بيان مقدّمة وهي :
إنّ ما تعلّق به أمر الشارع ؛ تارة : يكون ممّا له الأفراد ، واخرى : يكون ممّا له الأجزاء المرتبطة ، ثمّ إنّ الواجب إن كان من القسم الأوّل يكون الترديد فيه من باب الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، وإن كان من القسم الثاني يكون الترديد فيه من باب الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، إذا عرفت هذا سيتضح لك أنّ محلّ النزاع هو القسم الثاني دون الأوّل ؛ وذلك لأنّ الشكّ فيه يكون من باب الشكّ في المكلّف به.
وأمّا القسم الأوّل وهو دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين فإنّ الشكّ فيه يرجع إلى الشكّ في أصل التكليف ، فيرجع إلى البراءة ، وبذلك يدخل في بحث البراءة ويخرج عن المقام.
(ومرجعه إلى الشكّ في جزئيّة شيء للمأمور به وعدمها) ، أي : مرجع دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين إلى الشكّ في جزئيّة شيء وعدم جزئيّته.
ثمّ الجزء على قسمين : إمّا خارجي أو ذهني ، والأوّل يكون من مقولة الكمّ ، حيث يكون سببا لزيادة المركّب في الخارج ، كالاستعاذة مثلا في أوّل الصلاة ، بينما الثاني يكون من مقولة الكيف ، إذ لا يكون سببا لزيادة الواجب في الخارج وإنّما هو يؤثر في الواجب من جهة الكيف ، كتقيّد الواجب بشيء له دخل في مصلحة الواجب المركّب ، ثمّ إنّ التقيّد الذي لا موطن له إلّا في الذهن على قسمين :
أحدهما : هو تقيّد الواجب بقيد وجودي ، كتقيّد الصلاة بالطهارة مثلا ، ويسمّى هذا