وهل يحكم بتنجّس ملاقيه؟ وجهان ، بل قولان مبنيّان على أنّ تنجّس الملاقي إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس ، بناء على أنّ الاجتناب عن النجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط.
ولذا استدلّ السيّد أبو المكارم في الغنية على تنجّس الماء القليل بملاقاة النجاسة ، بما دلّ
____________________________________
تفصيلا ولا إجمالا حتى يتحقّق به الموضوع للخطاب الثاني لكي يجب الحدّ ، بل الشكّ فيه بدوي لا يحتاج إلى المقدّمة العلميّة ، وقس عليه حال الملاقي ، لأنّ ما وجد في مورده العلم الإجمالي إنّما هو خطاب الاجتناب عن النجس ، أعني : الملاقى بالفتح.
وأمّا خطاب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ فهو لا يتوجّه إلّا بعد العلم بحصول الملاقاة للنجس ولو إجمالا ، ولا شبهة في أنّه إذا لاقى أحد الطرفين ، فلم يحصل العلم بالملاقاة للنجس لا تفصيلا ولا إجمالا ، فيكون الشكّ فيه بدويّا فلا يحتاج إلى المقدّمة العلميّة». انتهى.
وكيف كان ، فقد وقع الخلاف في حكم ملاقي بعض المشتبهين بالنجس ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(هل يحكم بتنجّس ملاقيه؟ وجهان ، بل قولان مبنيّان على أنّ تنجّس الملاقي إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس ، بناء على أنّ الاجتناب عن النجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط).
ومنشأ الوجهين المذكورين هو أنّ وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس حينما يعلم المكلّف بملاقاة شيء للنجس تفصيلا ، هل هو من شئون وجوب الاجتناب عن الملاقى النجس ، أو من شئون نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ بالملاقاة وسراية نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ إلى الملاقي بالكسر؟.
وبعبارة اخرى وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس هل هو من شئون الحكم وهو وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ من جهة الملازمة عرفا بين وجوب الاجتناب عن النجس وبين وجوب الاجتناب عن ملاقيه ، أو من جهة تحقّق الموضوع وهو التنجّس بالملاقاة؟.
فعلى الأوّل يجب الاجتناب عن ملاقي أحد الطرفين ، وذلك لتحقّق الحكم بوجوب