المسألة الثالثة
تكافؤ النصّين
فيما إذا تعارض نصّان متكافئان في جزئيّة شيء لشيء وعدمها ، كأن يدلّ أحدهما على جزئيّة السورة والآخر على عدمها. ومقتضى إطلاق أكثر الأصحاب القول بالتخيير بعد التكافؤ ثبوت التخيير هنا.
لكن ينبغي أن يحمل هذا الحكم منهم على ما إذا لم يكن هناك إطلاق يقتضي أصالة عدم تقييده عدم جزئيّة هذا المشكوك ، كأن يكون هنا إطلاق معتبر للأمر بالصلاة بقول مطلق ، وإلّا فالمرجع بعد التكافؤ إلى هذا المطلق ، لسلامته عن المقيّد بعد ابتلاء ما يصلح لتقييده بمعارض مكافئ.
وهذا الفرض خارج عن موضوع المسألة ؛ لأنّها كأمثالها من مسائل هذا المقصد مفروضة فيما إذا لم يكن هناك دليل اجتهادي سليم عن المعارض متكفّلا لحكم المسألة حتى تكون موردا للاصول العمليّة.
____________________________________
(المسألة الثالثة : فيما إذا تعارض نصّان متكافئان في جزئيّة شيء لشيء وعدمها ، كأن يدلّ أحدهما على جزئية السورة والآخر على عدمها) ، فإنّ مقتضى إطلاق أكثر الأصحاب القول بالتخيير في باب تعارض النصّين بعد تساويهما من جميع الجهات المرجّحة.
ففي المقام ـ أيضا ـ يجب أن نقول بالتخيير كذلك ؛ لأنّه من نفس القبيل ، كما حكموا به أيضا في مورد الشكّ في المكلّف به المردّد بين المتباينين ، وغيره ، إلّا أنّ الحكم بالتخيير فيما نحن فيه إنّما هو فيما إذا لم يكن إطلاق معتبر ، وإلّا فيجب الرجوع إليه عند الشكّ ، إذ لا يجوز الرجوع إلى التخيير الذي هو من الاصول العمليّة مع فرض وجود الإطلاق الذي هو من الأدلّة الاجتهاديّة ؛ وذلك لتقدّم الدليل الاجتهادي على الأصل العملي ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(لكن ينبغي أن يحمل هذا الحكم منهم على ما إذا لم يكن هناك إطلاق يقتضي أصالة عدم تقييده عدم جزئيّة هذا المشكوك) ، بأن يكون وجوب المركّب مستفادا من دليل لبّي كالإجماع مثلا.