نفسه ، فإذا علم نجاسة إناء زيد وطهارة إناء عمرو فاشتبه الإناءان ، فإناء زيد شيء علم حرمته بعينه.
نعم ، يتّصف هذا المعلوم المعيّن بكونه لا بعينه إذا اطلق عليه عنوان أحدهما ، فيقال : أحدهما لا بعينه ، في مقابل أحدهما المعيّن عند القائل.
وأمّا قوله عليهالسلام : (فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه) ، فله ظهور في ما ذكر ، حيث إنّ قوله : (بعينه) قيد للمعرفة ، فمؤدّاه اعتبار معرفة الحرام بشخصه ، ولا يتحقّق ذلك إلّا إذا أمكنت الإشارة الحسيّة إليه.
وأمّا إناء زيد المشتبه بإناء عمرو في المثال ، وإن كان معلوما بهذا العنوان ، إلّا أنّه مجهول باعتبار الامور المميّزة له في الخارج عن إناء عمرو ، فليس معروفا بشخصه ، إلّا أنّ بقاء الصحيحة على هذا الظهور يوجب المنافاة لما دلّ على حرمة ذلك العنوان المشتبه ، مثل قوله : اجتنب عن الخمر.
____________________________________
القيد لا يخلو عن أحد أمرين :
الأوّل : أن يكون ما يرجع إليه القيد كلّيا.
والثاني : أن يكون جزئيّا.
ثمّ إن التقييد في الأوّل ظاهر في الانقسام ، أي : انقسام الكلّي المقيّد إلى المقيّد بالقيد المذكور والمقيّد بضدّه ، مثل تقييد الإنسان بالعالم يوجب انقسامه إلى العالم وضدّه وهو الجاهل ، وأمّا التقييد في الثاني وهو كون المقيّد جزئيّا فليس ظاهرا في الانقسام ، لعدم إمكان الانقسام ، فلا بدّ ـ حينئذ ـ من أن يكون للتأكيد.
إذا عرفت هذه المقدّمة يتّضح لك أنّ التقييد في الرواية الاولى ـ وهي : قوله عليهالسلام : (كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه) ـ يرجع إلى ضمير(أنّه) الراجع إلى الشيء الخارجي الجزئي ، فيكون التقييد للتأكيد جيء به للاهتمام في اعتبار العلم الأعمّ من التفصيلي والإجمالي ، نظير ما يقال : رأيت زيدا نفسه بعينه ، فجيء بلفظ(نفسه) و (بعينه) تأكيدا لتحقّق الرؤية.
وذلك (لدفع توهّم وقوع الاشتباه في الرؤية) لئلّا يتوهّم السامع رؤية غلام زيد مثلا ، وحينئذ فلا تدلّ الرواية على اعتبار العلم التفصيلي بالحرمة ، بل تدلّ على اعتبار مطلق