ويؤيّد ما ذكرنا ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من فاتته فريضة (١) ، معلّلا ذلك ببراءة الذمّة على كلّ تقدير ، فإنّ ظاهر التعليل يفيد عموم مراعاة ذلك في كلّ مقام اشتبه عليه الواجب.
____________________________________
قلت : إنّ مقتضى الأصل الجهتي عدمه ، فلا بدّ من التخصيص في العموم ، لكي لا يلزم القبح عليه. إذا عرفت هذه فنقول :
إنّ مراد المحقّق المزبور أنّ الخطاب في مثل اقض ما فات ، وكذا صلّ إلى القبلة وأمثالهما إنّما هو مختصّ بحالة العلم دون الجهل ، لأنّه بالنسبة إلى حالة الجهل خطاب بالمجمل ، وحينئذ يدور الأمر بين أن يكون للمولى ضرورة في الخطاب بالمجمل لكي يخرج بالمجمل عن موضوع القبح وكونه عامّا للعالم والجاهل بمقتضى أصالة العموم فيتعين الاحتياط في حقّ الأخير ، وبين أن لا يكون له ضرورة فيه فيختصّ الخطاب بالعالم ، ويكون المرجع في حقّ الجاهل أصالة البراءة ، والأصل الجهتي مقدّم على أصالة العموم ، كما حقّق في محلّه ، فيكون المتعيّن هو الثاني.
هذا وأنت خبير بما فيه من منع اختصاص الخطاب بالعالمين ، وسند المنع ما يأتي في كلام المصنّف قدسسره : من أنّ مفروض الكلام ما إذا ثبت الوجوب الواقعي للفعل بهذا الشرط ، وإلّا لم يكن من الشكّ في المكلّف به». انتهى.
(ويؤيّد ما ذكرنا) من وجوب الاحتياط والإتيان بجميع المحتملات (ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات) رباعية وثلاثية وثنائية (على من فاتته فريضة) مردّدة بين خمس صلوات مثل صلاة الصبح ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، ثمّ علّل الإتيان بثلاث صلوات قضاء بأنّ ذلك موجب لبراءة الذمة من التكليف.
(على كلّ تقدير) ، أي : سواء كان ما فات منه ثنائية كالصبح ، أو ثلاثيّة كالمغرب ، أو رباعيّة كالظهر والعصر والعشاء ، وظاهر التعليل المذكور يفيد مراعاة الاحتياط في كلّ مورد اشتبه الواجب على المكلّف. وإنّما جعل المصنّف قدسسره ما ورد في وجوب قضاء ثلاث صلوات مؤيّدا ، ولم يجعله دليلا ، لأن محلّ الكلام هو الاحتياط ، ومقتضى الاحتياط التامّ
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٩٧ ـ ٧٧٤ ، ٧٧٥. الوسائل ٨ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، أبواب قضاء الصلوات ، ب ١١ ، ح ١ ، ٢.