____________________________________
وهذا نظير قول الإمام عليهالسلام : (لعن الله بني اميّة قاطبة) (١) في شمول الحكم لجميع أفراد بني اميّة ؛ لأنّ قرينة العقل قاضية بأنّ الصالح خارج عن عموم هذا الحكم ، فكما أنّ هذا الخطاب ليس من المجملات العرفيّة مع ثبوت التخصيص العقلي فكذلك خطاب (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) خطاب مطلق بالنسبة إلى كلّ ما يصدق عليه أنّه صلاة ، وهو لا ينافي ثبوت الملازمة بين الطلب والصحة ؛ لأنّها من عوارض المطلوب الواقعي ، فيستدلّ بالطلب على وجود الآخر ، فيقال : إنّ هذه صلاة وكلّ صلاة مطلوبة ، ثمّ يقال : إنّها مطلوبة وكلّ مطلوبة صحيحة ، فلو منع كبرى القياس من الأوّل دفع بإطلاق الآية ، ومنع كبرى الثاني دفع بحكم العقل والإجماع.
وبالجملة ، الخلط بين تقييد الصلاة بمفهوم الصحيحة وبين كون الصحة من عوارض المطلوب أوقع المورد في توهّم الإجمال على القول بالأعمّ ، وهو واضح البطلان نقضا وحلّا.
وثانيها : إنّه قد ورد في العبادات مقيّدات مجملة مثل قوله صلىاللهعليهوآله في الصلاة : (صلّوا كما رأيتموني اصلي) (٢) لأنّا لا ندري كيفية الصلاة التي صلّاها النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي الحج : (خذوا مناسككم عنّي) (٣).
فيكونا مجملين من جهة عدم إحراز فعله صلىاللهعليهوآله فيهما.
ومن المقرّر في محلّه أنّ المطلق المقيّد بالمجمل مجمل ، وفيه ـ بعد الغض عن عدم اطّراد هذا النحو من التقييد في تمام العبادات ـ : أنّ المقيّد إذا كان مجملا وكان له قدر متيقّن فإجماله لا يسري إلى المطلق ، فكلّ ما شكّ في جزئيّته لعبادة يرجع فيه إلى الإطلاق ، إذ لم يثبت من قوله صلىاللهعليهوآله : (صلّوا كما رأيتموني اصلي) جزئيّة الشيء المشكوك ، ولم يعلم اشتمال صلاته التي صلّاها صلىاللهعليهوآله عليه ، فيرجع فيه إلى إطلاق الصلاة مضافا إلى العلم باشتمال صلاته صلىاللهعليهوآله على جملة من الآداب والأجزاء المندوبة ، فلا ينهض الأمر بها
__________________
(١) مصباح المتهجّد : ٧١٦.
(٢) غوالي اللآلئ ١ : ١٩٨ / ٨. صحيح البخاري ١ : ٢٢٦ / ٦٠٥.
(٣) البداية والنهاية ٥ : ٢٠٣ ، وفيه : (خذوا عنّي مناسككم).