الاجتناب ، من أنّ المقتضي لوجوب الاجتناب في الشبهة الغير المحصورة هو حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل غير موجود ، وحينئذ فمرجع الشكّ في كون الشبهة محصورة أو غيرها إلى الشكّ في وجود المقتضي للاجتناب ، ومعه يرجع إلى أصالة الجواز.
لكنّك عرفت التأمّل في ذلك الدليل ، فالأقوى وجوب الرجوع مع الشكّ إلى أصالة الاحتياط لوجود المقتضي وعدم المانع.
وكيف كان ، فما ذكروه من أصالة إحالة غير المحصور وتمييزه عن غيره إلى العرف لا يوجب إلّا زيادة التحيّر في موارد الشكّ.
____________________________________
(إلّا أن يكون نظره إلى ما ذكرنا في الدليل الخامس ... إلى آخره).
من عدم تحقّق المقتضي لوجوب الاجتناب ، لأنّ وجوب الاجتناب حكم من العقل من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، وهذا الحكم منه غير موجود في الشبهة غير المحصورة ، لما تقدّم في الدليل الخامس من كون احتمال الضرر في غاية الضعف.
(وحينئذ فمرجع الشكّ في كون الشبهة محصورة أو غيرها إلى الشكّ في وجود المقتضي للاجتناب ، ومعه يرجع إلى أصالة الجواز) بعد انتفاء المقتضي لوجوب الاجتناب بالأصل.
(لكنّك عرفت التأمّل في ذلك الدليل ... إلى آخره).
حيث أشار المصنّف قدسسره بالتأمّل في آخر الدليل الخامس إلى عدم الفرق في حكم العقل بوجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة بين كونها محصورة أو غيرها ، لأنّ حكمه بوجوب الاجتناب يكون دفعا للعقاب المحتمل من دون فرق بين كون احتمال العقاب قويّا أو ضعيفا ، فالمقتضي ـ حينئذ ـ موجود ، فتجري أصالة الاحتياط بعد وجود المقتضي ، وعدم العلم بوجود المانع ، فتأمّل.
(وكيف كان ، فما ذكروه من أصالة إحالة غير المحصور وتمييزه عن غيره إلى العرف لا يوجب إلّا زيادة التحيّر في موارد الشكّ).
وذلك لوقوع الشكّ كثيرا في مصاديق المفاهيم العرفيّة مع العلم بها إجمالا ، والشاهد على ذلك ما ترى من أنّ الماء من أوضح المفاهيم العرفيّة ، ومع ذلك قد يشكّ في صدقه على بعض المياه ، كماء السيل مثلا ، وقد يكون المقام من هذا القبيل أيضا ، إذ بالرجوع إلى العرف يعلم إجمالا أنّ غير المحصور هو ما يعسر عدّه عادة ، إلّا أنّ عسر العدّ يختلف