الاستفهام الإنكاري ، لكن عرفت أنّ فيه احتمالا آخر يتمّ معه الاستفهام الإنكاري أيضا.
وحاصل هذا الوجه أنّ العقل إذا لم يستقلّ بوجوب دفع العقاب المحتمل عند كثرة المحتملات ، فليس ما يوجب على المكلّف الاجتناب من كلّ محتمل ، فيكون عقابه ـ حينئذ ـ عقابا من دون برهان ، فعلم من ذلك أنّ الآمر اكتفى في المحرّم المعلوم إجمالا بين المحتملات بعدم العلم التفصيلي بإتيانه ، ولم يعتبر العلم بعدم إتيانه ، فتأمّل.
____________________________________
والفرق بين الوجهين هو أنّ عدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة يكون لأجل المانع في الوجه الأوّل ، ولأجل عدم المقتضي في الوجه الثاني ، ولعلّ ما ذكر في الرواية المتقدّمة في الوجه الرابع ، حيث قال الإمام عليهالسلام : (أمن مكان واحد يجعل فيه الميتة حرّم جميع ما في الأرض) إشارة إلى هذا المعنى ، أي : عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة.
حيث جعل الإمام عليهالسلام الاجتناب عن أطراف الشبهة غير المحصورة من المنكرات المعلومة عند العقلاء ، كما يشهد بكونه من المنكرات الاستفهام الإنكاري في قول الإمام عليهالسلام ، إلّا أنّ فيه احتمالا آخر يتمّ معه الاستفهام الإنكاري أيضا ، وهو أن يكون مورد السؤال حكم الشبهة البدويّة حيث جعل حرمة جبن هذا المكان منشأ لحرمة جبن مكان آخر مشكوك النجاسة أمرا منكرا ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(وحاصل هذا الوجه أنّ العقل إذا لم يستقلّ بوجوب دفع العقاب المحتمل عند كثرة المحتملات) لما تقدّم من كون احتمال العقاب في كلّ طرف من الأطراف في غاية الضعف ، (فليس ما يوجب على المكلّف الاجتناب من كلّ محتمل ، فيكون عقابه ـ حينئذ ـ عقابا من دون برهان) ، بل تجري أصالة البراءة.
(فعلم من ذلك أنّ الآمر اكتفى في المحرّم المعلوم إجمالا بين المحتملات بعدم العلم التفصيلي بإتيانه ، ولم يعتبر العلم بعدم إتيانه).
أي : علم من عدم حكم العقل بدفع العقاب المحتمل مع كون احتماله ضعيفا لكثرة المحتملات ، أنّ الشارع اكتفى بعدم جواز المخالفة القطعيّة ، ولم يوجب الموافقة القطعيّة.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى أنّ مقتضى هذا الدليل هو جواز المخالفة القطعيّة ، كما لا يخفى ، مع أنّ ارتكاب جميع الأطراف ينافي العلم إجمالا بكون أحد أطراف الشبهة