اللهم إلّا أن يقال : إنّ العلم
الإجمالي بين المشتبهات التدريجيّة ، كما لا يقدح في إجراء الاصول العمليّة فيها ،
لا يقدح في الاصول اللفظيّة ، فيمكن التمسّك في ما نحن فيه بصحّة كلّ واحد من
المشتبهات بأصالة العموم ، لكنّ الظاهر الفرق بين الاصول اللفظيّة والعمليّة ،
____________________________________
الرجوع إليها مع وجود الأدلّة
الاجتهاديّة ، وهي العمومات المذكورة.
وحاصل الدفع مضافا إلى سقوط العموم عن
الظهور بالنسبة إلى الشبهات التدريجيّة بواسطة العلم الإجمالي بفساد بعضها ، هو
أنّ التمسّك بالعموم لا يصحّ في الشبهة المصداقيّة ، والمقام من هذا القبيل ، حيث
يرجع الشكّ في كلّ معاملة إلى الشكّ في كونها مصداقا للعامّ بعد العلم الإجمالي
بخروج بعض أفراده عنه.
وحينئذ يصحّ الرجوع إلى أصالة الفساد.
نعم ، التمسّك بالعموم إنّما يصحّ فيما
إذا شكّ في كون العقد ـ كالعقد باللغة الفارسيّة ـ مشمولا للعامّ وهو (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)
أم لا؟ ، فيتمسّك ـ حينئذ ـ بالعموم ، ويحكم بصحّة العقد باللغة غير العربيّة.
(اللهم إلّا أن يقال : إنّ العلم
الإجمالي بين المشتبهات التدريجيّة ، كما لا يقدح في إجراء الاصول العمليّة فيها ،
لا يقدح في الاصول اللفظيّة ... إلى آخره).
وحاصل الإشكال ، هو أنّ العلم الإجمالي
في الشبهات التدريجيّة لو كان مانعا عن التمسّك بالاصول اللفظيّة ، لكان مانعا عن
الرجوع إلى الاصول العمليّة ، والتالي باطل لما تقدّم من الرجوع إلى أصالة الإباحة
في مثال العلم الإجمالي بمعاملة ربويّة ، فالمقدّم مثله ، فيكون الحكم بعدم جواز
التمسّك بالاصول اللفظيّة وجواز الرجوع إلى الاصول العمليّة تناقضا واضحا.
فالأولى أن يقال حينئذ : إنّ العلم
الإجمالي في التدريجيّات ، كما لا يمنع عن إجراء الاصول العمليّة ، كذلك لا يمنع
عن التمسّك بالاصول اللفظيّة ، إلّا أنّ الاصول اللفظيّة تتقدّم على الاصول
العمليّة ، فحينئذ يتمسّك بالاصول اللفظيّة دون العمليّة ، فيحكم بالصحّة بالنسبة
إلى الحكم الوضعي.
ثمّ أشار المصنّف قدسسره
إلى جواب هذا الإشكال بقوله :
(لكنّ الظاهر الفرق بين الاصول اللفظيّة
والعمليّة).