فعند الاشتباه لا يعلم المكلّف تنجّز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي.
وهذا باب واسع ينحلّ به الإشكال عمّا علم من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة في مواقع ، مثل ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة في إنائه أو في موضع من الأرض الذي لا يبتلى به المكلّف عادة ، أو بوقوع النجاسة في ثوبه ، أو ثوب غيره ، فإنّ الثوبين لكلّ منهما من باب الشبهة المحصورة مع عدم وجوب اجتنابهما ، فإذا أجرى أحدهما في ثوبه أصالة الحلّ والطهارة لم يعارض بجريانهما في ثوب غيره ، إذ لا يترتّب على هذا المعارض
____________________________________
في تنجّز التكليف المحكوم بوجوب الاجتناب عنها هو من مختصّات المصنّف قدسسره وخواصّ هذا الكتاب ، ولم يسبقه أحد فيه ، كما في بعض الشروح.
(فعند الاشتباه) ، أي : اشتباه الحرام الواقعي بين ما هو محلّ للابتلاء وبين غيره (لا يعلم المكلّف تنجّز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي).
فلا يجب عليه الاجتناب عمّا هو محلّ للابتلاء ، مقدّمة لامتثال الحرام الواقعي ، لأنّ الشكّ بالنسبة إلى محلّ الابتلاء يرجع إلى الشكّ في أصل التكليف ـ كما عرفت ـ فتجري فيه البراءة.
(وهذا) ، أي : اعتبار كون جميع الأطراف محلّا للابتلاء ، أي : تنجّز التكليف بوجوب الاجتناب عنها في الشبهة المحصورة (باب واسع ينحلّ به الإشكال عمّا علم من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة في مواقع ، مثل ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة في إنائه ، أو في موضع من الأرض الذي لا يبتلى به المكلّف عادة).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره : هو أنّ عدم وجوب الاجتناب في بعض الموارد عن كلا المشتبهين بالشبهة المحصورة ـ مع حكم العقل بوجوب الاجتناب عنهما ـ ليس لأجل تخصيص حكم العقل ، لأنّ حكم العقل لا يقبل التخصيص ، وليس لأجل دليل خاص لعدم وجوده في جميع هذه الموارد ، بل هو لأجل خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء.
ففي المثال المذكور لا يجب الاجتناب عن الإناء بعد خروج الأرض عن محلّ الابتلاء ، حيث تجري أصالة الطهارة في جانب الإناء بلا معارض أصلا ، فيحكم بطهارته بها ، أو باستصحابها.
وهكذا في المثال الثاني ، وهو ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة في ثوبه ، أو ثوب غيره ،