البناء على كون المحرّم هو المشتبه الآخر ، فلا يجوز الرخصة فيه جميعا.
نعم ، يجوز الرخصة فيه بمعنى جواز ارتكابه والبناء على أنّ المحرّم غيره.
مثلا : الرخصة في ارتكاب أحد المشتبهين بالخمر مع العلم بكون أحدهما خمرا ، فإنّه لمّا علم من الأدلّة تحريم الخمر الواقعي ، ولو تردّد بين الأمرين كان معنى الرخصة في ارتكاب أحدهما الإذن في البناء على عدم كونه هو الخمر المحرّم عليه وأنّ المحرم غيره ، فكلّ منهما حلال ، بمعنى جواز البناء على كون المحرّم غيره.
والحاصل أنّ مقصود الشارع من هذه الأخبار أن يلغي من طرفي الشكّ في حرمة الشيء وحلّيته احتمال الحرمة ، ويجعل محتمل الحلّية في حكم متيقّنها ، ولمّا كان في المشتبهين بالشبهة المحصورة شكّ واحد ، ولم يكن فيه إلّا احتمال كون هذا حلالا وذاك حراما واحتمال العكس ، كان إلغاء احتمال الحرمة في أحدهما إعمالا له في الآخر وبالعكس ، وكان الحكم الظاهري في أحدهما بالحلّ حكما ظاهريّا بالحرمة في الآخر ، وليس معنى حلّية كلّ منهما إلّا الإذن في ارتكابه وإلغاء احتمال الحرمة فيه المستلزم لإعماله في الآخر.
____________________________________
التعيين في الشبهات البدويّة وفي التخيير في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، بل جاء من جهة العلم الإجمالي بالحرام ، إذ بعد العلم الإجمالي بحرمة أحد المشتبهين لكونه خمرا ، وحلّية الآخر لكونه خلّا ، يكون البناء على حلّية أحدهما بمقتضى أدلّة الحلّ مستلزما للبناء على حرمة الآخر بمقتضى العلم الإجمالي.
ولا يمكن البناء على حلّية الطرف الآخر ـ أيضا ـ لأنّ البناء على حلّية أحدهما بعد العلم الإجمالي بحرمة أحدهما ينافي البناء على حلّية الآخر ، وهذا بخلاف الشبهات البدويّة حيث لا ينافي البناء على الحلّية في مشتبه للبناء على الحلّية في آخر ، فلذا يكون الحكم بالحلّية في الشبهة البدويّة تعيينيّة وفي مورد العلم الإجمالي تخييريّة.
والحاصل من الجميع هو تقديم أدلّة الحلّ على قاعدة الاشتغال بالحكومة ، والنتيجة هي عدم وجوب الموافقة القطعيّة.
وبالجملة ، إنّ لازم العلم الإجمالي بحرمة أحد المشتبهين ، ولازم عموم أخبار الحلّ هو الحكم بحرمة أحدهما ، وحلّية الآخر على نحو التخيير ، لأنّ الحكم بحلّية أحدهما بالخصوص ، أو الحكم بالحرمة كذلك ترجيح من دون مرجّح ، فالمستفاد من أخبار الحلّ