المعاملات ، بل العبادات التي لم ترد فيها إلّا الآيات مجملة أو مطلقة من الكتاب. إذ لو سلّمنا أنّ تخصيص العموم يعدّ مخالفة ، أمّا تقييد المطلق فلا يعدّ في العرف مخالفة ، بل هو مفسّر خصوصا على المختار من عدم كون المطلق مجازا عند التقييد.
____________________________________
قوله : (وثانيا) عطف على قوله : أولا ، وقد تقدّم أنّ هذا الجواب يرجع إلى منع الصغرى بعد منع الكبرى بالجواب الأول ، فكان الاولى أن يقال في تحريره : وثانيا : نمنع من تكفّل الكتاب والسنّة حكم جميع الوقائع ، ولو بعنوان العموم والإطلاق ، غاية الأمر تكفّلهما لحكم كثير من الوقائع ، فلا يمكن الاستدلال بهما في جميع الوقائع من العبادات والمعاملات ، وذلك أمّا لعدم تعرضهما لحكم المسألة بنحو من الأنحاء في بعض الموارد ، وأمّا لإجمالهما.
فالملخّص أنّ هناك أحكاما لا تستفاد من عمومات الكتاب ، فما ذكر من أنّ كل واقعة يوجد حكمها في عمومات الكتاب مردودة ، وهذا هو الاولى كما في بحر الفوائد ممّا ذكره بعض الشارحين ، حيث قال في شرح قول المصنّف (وثانيا) : ولو سلّمنا أنّ أخبار العرض تشمل مطلق ما يخالف الكتاب ، وإن كان على نحو العموم والخصوص ، إلّا (إنّا نتكلم في الأحكام التي لم يرد فيها عموم) إذ لازم هذا التفسير هو تسليم الإشكال كبرى ، وردّه من حيث الصغرى فقط ، وهذا بخلاف ما ذكرناه حيث يكون ردّا للإشكال صغرى كبرى.
نعم ، يذكر تسليم الإشكال من حيث الكبرى بقوله : (إذ لو سلّمنا) وكيف كان ، فقوله : (إلّا آيات مجملة) إشارة إلى القول بكون أسامي العبادات والمعاملات أسامي للصحيح منهما (أو مطلقة) ، إشارة إلى القول بكونها أسامي للأعمّ.
(إذ لو سلّمنا أنّ تخصيص العموم يعدّ مخالفة ، أمّا تقييد المطلق فلا يعدّ في العرف مخالفة) ، أي : على فرض كون الخاص مخالفا للعام ، ولكن المقيد لا يكون مخالفا للمطلق عند العرف ، بل يكون مفسرا له.
فقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(١) مطلق ، والخبر الدال على اشتراط القبلة في الصلاة يكون مفسرا للإطلاق ، فلا يصدق عليه أنّه مخالف للكتاب حتى يطرح لأجل الأخبار
__________________
(١) يونس : ٨٧.