نعم ، ربّما يجري على لسان بعض متأخري المتأخرين من المعاصرين عدم الدليل على حجّية الظواهر إذا لم تفد الظنّ أو إذا حصل الظن غير المعتبر على خلافها.
لكن الانصاف أنه مخالف لطريقة أرباب اللسان والعلماء في كل زمان ، ولذا عدّ بعض الأخباريين ، كالاصوليين ، استصحاب حكم العام والمطلق حتى يثبت المخصّص والمقيّد من الاستصحابات المجمع عليها. وهذا وإن لم يرجع إلى الاستصحاب المصطلح إلّا بالتوجيه ، إلّا أن الغرض من الاستشهاد به بيان كون هذه القاعدة إجماعية.
____________________________________
منها : الفرق بين ما إذا حصل الظن الفعلي بالمراد وبين غيره ، فيكون الظاهر حجّة على الأول دون الثاني ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله :
(نعم ، ربّما يجري على لسان بعض متأخري المتأخرين من المعاصرين عدم الدليل على حجّية الظواهر إذا لم تفد الظن).
ومنها : الفرق بين ما إذا حصل الظن غير المعتبر على خلاف الظواهر فلا تكون حجّة ، وبين ما إذا لم يحصل الظن على خلافها ، فتكون حجّة كما أشار إليه بقوله : (أو إذا حصل الظن غير المعتبر على خلافها).
يقول المصنّف رحمهالله ردّا للتفصيلين المذكورين : (لكن الانصاف أنّه مخالف لطريقة أرباب اللسان والعلماء في كل زمان) أي : أن ما جرى على لسان بعض المتأخرين ، وهو صاحب الإشارات مخالف لطريقة أهل اللسان.
فإنّا نرى بالوجدان أنّهم يعملون بالظواهر مطلقا (ولذا عدّ بعض الأخباريين) كالمحدّث الاسترآبادي (استصحاب حكم العام والمطلق) أي : العموم ، والإطلاق (من الاستصحابات المجمع عليها) كاستصحاب عدم النسخ (وإن لم يرجع إلى الاستصحاب المصطلح الّا بالتوجيه) لأن الاستصحاب المصطلح مبني على أمرين :
١ ـ اليقين بالتحقّق ٢ ـ الشك في البقاء ، ثم يحكم بإبقاء ما هو المتيقّن في زمان الشك بالبقاء ، والظهور يكون متيقنا دائما ما لم تقم قرينة على خلافه فيصبح عدمه متيقنا ، فيكون أمره بين الوجود يقينا والعدم كذلك ، فلا يجري الاستصحاب الّا بالتأويل بإرجاع الاستصحاب المذكور إلى استصحاب عدم المخصّص مثلا.
والغرض من الاستشهاد بهذا القول هو بيان كون هذه القاعدة ـ يعني : حجّية الظواهر