له ، أو محكوم بما يعلم الله أنّ الأمارة تؤدّي إليه. وهذا تصويب باطل عند أهل الصواب من المخطّئة. وقد تواتر بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل الأخبار والآثار.
الثاني : أن يكون الحكم الفعلي تابعا لهذه الأمارة ، بمعنى : أنّ لله في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لو لا قيام الأمارة على خلافه ، بحيث يكون قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعليّة ذلك الحكم ، لكون مصلحة سلوك هذه الأمارة غالبة على مصلحة الواقع ،
____________________________________
الواقعيّة.
فالجاهل لا حكم له في الواقع مع قطع النظر عن قيام الأمارة (أو محكوم بما يعلم الله).
هذا الكلام من المصنّف رحمهالله اشارة إلى بعض الأقوال الأخر غير ما ذكره أولا في التصويب ، ويمكن استفادة ثلاثة أقوال منه :
الأول : أنّ الله تعالى يعلم من الأزل بأنّ المجتهد باسم كذا يوجد بعد قرون ويؤدّي ظنه إلى حكم كذا ، فجعل حرمة ما يؤدّي ظنه إلى تحريمه في حقّه قبل أن يوجد.
الثاني : أنّه تعالى جعل الحكم أولا ثم جعل أمارة تؤدّي إليه قهرا ، فلا بدّ أن تكون الأمارة مطابقة للواقع.
الثالث : أنّه تعالى جعل الحكم أولا ، ثم جعل أمارة تؤدّي إليه اتّفاقا لا جبرا وقهرا ، فقول المصنّف رحمهالله : أو الجاهل محكوم بما يعلم الله ، يشمل الجميع.
وهذا الوجه الأول المشتمل على الأقوال الأربعة من التصويب تصويب باطل عند أهل الحقّ القائلين بالتخطئة ، وهي أنّ الأحكام الواقعية تكون مشتركة بين الجاهلين والعالمين بها ، ثم المجتهد حين الاجتهاد قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا فينطبق عليه ما هو المعروف من أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا. والتصويب المذكور بأقسامه الأربعة لا يغيّر الواقع ، ولكن هناك قسم خامس وهو ما أشار إليه بقوله :
(الثاني : أن يكون الحكم الفعلي تابعا لهذه الأمارة ... إلى آخره).
فقيام الأمارة المخالفة للواقع يغيّر الواقع بمعنى أنّ الحكم الواقعي قبل قيام الأمارة المخالفة يكون مشتركا بين العالم والجاهل ، وبعد قيامها يصير مختصا بالعالم ، فقد غيّر الواقع من الاشتراك إلى الاختصاص ، فالحكم الواقعي المشترك بين الكلّ يكون فعليا ومنجّزا في حقّ العالم أو من قامت عنده أمارة مطابقة للواقع ويبقي على شأنيته وانشائيته