الضرر فيه ، فتأمّل ، ويؤيّده بناء العقلاء على الاستحقاق وحكم العقل بقبح التجرّي.
وقد يقرّر دلالة العقل على ذلك : بأنّا إذا فرضنا شخصين قاطعين بأن قطع أحدهما بكون مائع معيّن خمرا ، وقطع الآخر بكون مائع آخر خمرا فشرباهما ، فاتفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر ، فأمّا أن يستحقّا العقاب ، أو لا يستحقّه أحدهما ، أو يستحقّه من
____________________________________
التجرّي ، كمسألة ظن ضيق الوقت ، فتكون حرمة التجرّي في مورد القطع بطريق أولى.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى خروج هذا الظن عمّا نحن فيه لأنّ الظن في هذا المورد موضوعي وبحثنا في القطع الطريقي.
ومنها : (ويؤيّده بناء العقلاء).
يعني : يؤيّد الإجماع بناء العقلاء على استحقاق المتجرّي للعقاب والمذمّة ، فحكم العقلاء باستحقاق العقاب لمن خالف قطعه دليل على حجّية هذا القطع.
(وحكم العقل بقبح التجرّي).
يعني ومنها : حكم العقل بقبح التجرّي ، فإذا كان التجرّي قبيحا كان المتجرّي مستحقا للعقاب ، وليس هذا إلّا لأجل حجّية القطع المخالف للواقع ، إذ العقاب على مخالفة ما ليس بحجّة قبيح جزما.
الفرق بين بناء العقلاء ، وحكم العقل هو أنّ الأول حكم اجتماعي ، والثاني حكم انفرادي ، بمعنى : إنّ كل عاقل يحكم بمقتضى عقله مع قطع النظر عن حكم سائر العقلاء ، ويمكن الفرق بينهما بالإجمال والتفصيل حيث إنّ في حكم العقل لا بدّ أن يكون عنوان حكمه ومنشؤه معلوما ، إذ من المحال أن يحكم حاكم ـ عقلا أو شرعا ـ بشيء لا يعلم مدركه وعنوانه ، هذا بخلاف بناء العقلاء فإنّه فيه الكشف من حكم العقل إجمالا ، وأمّا ملاكه ما ذا؟ فليس بمعلوم.
(وقد يقرّر دلالة العقل على ذلك ... إلى آخره).
قال رحمهالله : إذا فرضنا شخصين قاطعين ، بأن قطع أحدهما بكون مائع معيّن خمرا ، وقطع الآخر بكون مائع آخر خمرا ، فشرباهما ، فاتّفق مصادفة أحدهما للواقع ، ومخالفة الآخر له ، فأمّا أن يستحقّا العقاب أو لا يستحقّاه كلاهما ، أو يستحقّه من صادف قطعه الواقع وهو شارب الخمر دون الآخر الذي هو شارب الخل مثلا.