الظنون المعتبرة
منها : الأمارات المعمولة في استنباط الأحكام الشرعية من ألفاظ الكتاب والسنّة ، وهي على قسمين :
القسم الأول : ما يعمل لتشخيص مراد المتكلّم عند احتمال إرادة خلاف ذلك ، كأصالة الحقيقة عند احتمال إرادة المجاز ، وأصالة العموم والإطلاق. ومرجع الكل إلى أصالة
____________________________________
(وهي على قسمين) أي : الأمارات المعمولة في استنباط الأحكام الشرعية على قسمين : القسم الأول ما يعمل لتشخيص مراد المتكلم (القسم الأول : ما يعمل لتشخيص مراد المتكلم) والثاني ـ كما يأتي ـ ما يعمل لتشخيص أوضاع الألفاظ ، وتشخيص مجازاتها من حقائقها ، وظواهرها عن خلافها ، وقبل البحث لا بدّ من بيان أمرين :
الأمر الأول : إن مقتضى الترتيب الطبيعي هو تقديم القسم الثاني على القسم الأول ، وذلك لأنّ الكلام في القسم الثاني يقع في إثبات الظهور للألفاظ وفي هذا القسم في إثبات كون ظاهر الكلام مرادا للمتكلّم ، فالقسم الثاني يكون بمنزلة المقدمة ، والصغرى للقسم الأول ، فهو أولى بالتقديم ، الّا أن يقال : إن المصنّف رحمهالله قدّم القسم الأول على الثاني اهتماما بشأنه ، إذ هو أوضح أفراد الظنون الخاصة لعدم مخالفة أحد في اعتبار الظواهر ، بل عليه إجماع أهل اللسان في كل مكان وزمان.
والأمر الثاني : إنّ المستفاد من كلام المصنّف رحمهالله حيث جعل أصالة الحقيقة وأصالة العموم والإطلاق ممّا خرج عن الأصل المذكور هو ـ خبر إن ـ أنّ حجّية هذه الاصول تكون من باب الظن ، إذ مقتضى كونها خارجة عن هذا الأصل بالدليل دخولها فيه لو لا الدليل ، ثم الكلام يقع في القسم الثاني.
ولتوضيح القسم الأول نقول : إن مراد المتكلم من ظاهر كلامه تارة : يكون معلوما ، واخرى : يكون غير معلوم ، ومحل البحث إنّما هو القسم الثاني ، لأنّ إعمال الاصول لتشخيص مراد المتكلم إنّما هو فيما إذا لم يعلم مراده من ظاهر كلامه ، وأمّا إذا كان مراده من ظاهر الكلام معلوما فلا حاجة لإعمال الاصول من أجل تعيين مراده ، فتعمل لتشخيص مراده ، إذ أن طائفة من هذه الاصول تعيّن مراد المتكلم من ظاهر كلامه بإرادته الجدية.